في الكتابة ويدعو إليه. ويشمئز من النعوت التي يحشو بها الكتاب السطور لا لمعنى فيها ولا لسحر بها. ولكن للإطناب عند الكتاب , ولاستقامة وزن الشعر عند الشعراء. هذه الاستقامة التي يقتضيها علم العروض. حتى إنك لتراه في بعض الأحايين مبشراً بالشعر المرسل الحر محاربا الحشو والتطويل أي حرب، معيباً على بوب أنه ملأ ترجمته الإلياذة حشواً.
وعلى نحو من هذا , تجد الشاعر الأميركي ويتمان فانه يعجب بالإيجاز ويأنف من التطويل. ويكتب عندما أخرج مجموعته الشعرية المسماة (إنني سعيد , لأنني استطعت أن أنزه شعري من كل حشو. وإنني لأنتشي عندما أشعر أن كل كلمة في القصيدة لا غنى عنها، سواء أكان ذلك لوزن الشعر الذي راعيت حفظه، أم للمعنى الذي أردت إظهاره).
ولندع سكوت ينادى بالإيجاز، ولننظر شارل لامب، الدعبوبة المرح، يكتب إلى وردثورث رسالة طريفة، يتهزأ فيها من الكتاب الذين ينبهون قراءهم أو ينصحون لهم:(قد تعلمون وقد لا تعلمون)، (ولا يحسبن القارئ أبدا)، (وتخيلوا إذا استطعتم) وغير ذلك من شبيهات هذه التعييرات التي يعلو الكاتب فيها ويحسب القارئ طفلاً أمامه يلقنه ويعلمه أو يشك بعلمه.
فماذا يقول لامب لو قرأ ما يسوقه الدكتور طه حسين في ثنايا كتاباته من هذه التعبيرات؟
ولامب إلى ذلك يعيب على شعراء عصره أنهم يشطون في وصف المناظر الطبيعية بأوصاف مبتذلة (السماء الزرقاء والشمس الذهبية المتلألئة. . .) فماذا يقول لو سمع اليوم شعراءنا وكتابنا ما يزالون يقولون (النسيم العليل والماء النمير والهواء الرقيق؟)
استمع إليه يكتب إلى صديقه وردثورث، وقد دعاه ليقضى أياماً في الجبال. هذه الرسالة التي تثير دهشتك وشغفك:
(لا يسوؤني كثيراً أنى لم أر الجبل قط في حياتي، فلقد عشت دائماً في لندن. وكنت أشعر دائماً بميل شديد إليها لا يقل عن ميل أصحاب الجبال إلى الطبيعة الجميلة. إن الدكاكين المصفوفة والمصانع التي لا عهد لها والتجارة والزبائن والسيارات الكبيرات والصغيرات والمسارح والمقاهي. وهذا الفوران حول (كوفنت غاردن) وهؤلاء النساء اللندنيات وحراس