سوى مقلٍ تخبر ما عناها ... بكف الغيب في ورق السطور
أما أشعارها الكثيرة فهي في العشق والهوى والحب وأسبابه ووصف حال الحب ودلال المحبوب وظلمه وهجره. وقد أجادت في هذا الباب وأتت بما لم يتهيأ لغيرها من الشاعرات، بل إن الشعراء أخذوا يقتفون أثرها ويسلكون سبيلها في تعليلاتهم فهي تقول:
ليس خطب الهوى بخطب يسير ... لا ينبئك عنه مثل خبير
ليس خطب الهوى يدبر بالرأ ... ي ولا بالقياس والتدبير
إنما الحب والهوى خطرات ... محدثات الأمور بعد الأمور
ولعلية غزل رقيق يستهوي القلوب، وأشعارها في هذا الباب كثيرة منها قولها:
أتاني عنك سعيك بي فسبي ... أليس جرى بفيك اسمي فحسبي
وقولي ما بدا لك أن تقولي ... فماذا كله إلا لحبي
فما زال المحب ينال سباً ... وهجراً ناعماً ومليح عتب
قصاراك الرجوع إلى مرادي ... فما ترجين من تعذيب قلبي
تشاهدت الظنون عليك عندي ... وعلم الغيب فيها عند ربي
وعلية إذا مدحت فأنها تمدح أخاها الرشيد وابنه الأمين، وهي بهذا تجزل اللفظ وتحكم المعنى وتوفي الممدوح حقه - كيف لا؟ وهي ما تمدح إلا نفسها فتعبر عما يكنه صدرها لأخيها من الحب والاحترام وما يملأ قلبها من الفخر بآبائها وأجدادها العظام، وإذا زارها الرشيد استقبلته بقولها:
قل للإمام ابن الإما ... م مقال ذي النصح المصيب
لولا قدومك ما انجلى ... عنا الجليل من الخطوب
ثم تثني بالأمين سليل بني العباس ابن زبيدة والرشيد فتقول:
يا بن الخلافة والجحاجحة العلي ... والأكرمين مناسباً وأصولا
والأعظمين إذا العظام تنافسوا ... بالمكرمات وحصلوا تحصيلا
والقائد إلى العزيز بأرضه ... حتى يذل عساكرا وخيولا
وإذا علمت أن الرشيد قد استزار أختيها ولم يكتب لها كتبت إليه تعاتبه:
مالي نسيت وقد نودي بأصحابي؟ ... وكنت والذكر عندي رائح غادي