أنا الذي لا أطيق الدهر فرقتكم ... فرقب لي بأبي من طول إبعادي
وإذا ودعت أخاها الرشيد فأنها تودعه بشعرها وقلبها فتقول:
لا حزن إلا حزن نالني ... يوم الفراق وقد غدوت مودعاً
فإذا الأحبة قد تولت عبرهم ... وبقيت فردا والهاً متوجعاً
وإذا طالت عليها أيام رمضان وهي مشغولة بصيامها وقيامها تذكرت أيام لهوها ومرحها وحفلاتها التي كانت تقيمها في قصرها وحنت إلى ذلك بشعرها:
طالت عليَّ ليالي الصوم واتصلت ... حتى لقد خلتها زادت على العدد
شوقاً إلى مجلس يزهو بساكنه ... أعيذه بجلال الواحد الصمد
وإذا ما رأت تقصيراً من (طغيان) خادمتها أو خيانة من وكيلها (سباع) فأنها كانت تهجوها هجواً لاذعاً مقذعاً لا يخلو من الفحش. ومن أهاجيها الجميلة أنها حضرت حفلة زفاف ورأت مخنثاً قد تزيا بزي النساء وخضب يديه وكحل عينيه، وحمر شفتيه، وهو ينقر بالدف ويغني ويرقص والنساء قد حففن به يصفقن له ويضحكن عليه وهو مسرور بفعله هذا:
ومخنث شهد الزفاف وقبله ... غنى الجواري حاسراً ومنقباً
لبس الدلال وقام ينقر دفه ... نقراً أقر به العيون وأطربا
إن النساء رأينه فعشقنه ... فشكون شدة ما بهن فأكذبا
وإذا كتبت إلى صديقتها ولم يأتها الجواب كتبت إليها تعاتبها:
يا خلتي وصفيتي وعذابي ... ما لي كتبت فلم يُردَ جوابي؟
خنت المواثق؟ أم لقيت حواسداً ... يهوين هجري؟ أم مللت عتابي؟
وإذا جلست في حفلاتها ولم تجد من تحب وتهوى شعرت بألم الفراق ولوعة الاشتياق زفرت من قلبها:
يا مورىَ الزند قد أعيت قوادحه ... اقبس إذا شئت من قلبي بمقباس
ما اقبح الناس في عيني وأسمحهم ... إذا نظرت ولم أبصرك في الناس
وإذا طال غياب الرشيد عن عاصمته بغداد وخلت حفلات علية منه شعرت بفراغ واسع ونقص في سرورها فلا يكمل إلا به كتبت تعاتبه: