قرأت معجم الأدباء لياقوت الحموي وهو المعجم الذي قامت بطبعه دار المأمون. وبعد البحث والاستقصاء لفت نظري خلوة من كثير من الشخصيات، إذ قد وجدت أن نخبة صالحة من الرجال البارزين لم تذكر في هذا المعجم. فإما أن تكون قد ضاعت من الأصل - وهو احتمال ضعيف - وإما أن يكون ياقوت قد أغفلها، وهذا هو موضوع التساؤل.
لقد كان في جملة من أغفل ذكرهم من الشعراء والأدباء شخصيات مختارة أمثال حسان بن ثابت والأخطل والكميت وجرير وبشار والبحتري وأبى تمام والمتنبي وابن زيدون وعمر بن أبى ربيعة وابن الرومي وابن المعتز وأبى فراس ومسلم بن الوليد (وقد ذكر ترجمة ولدُه سليمان)، ومن الأدباء والرواة والفلاسفة أمثال الحسن البصري والرئيس ابن سينا وابن سيرين والإمام أحمد والإمام أبي حنيفة والإمام مالك والبخاري ومسلم وعبد الحميد الكاتب والغزالي والفارابي والرازي والأصمعي وأبى بكر الخوارزمي وابن الزيات وعلي بن الفرات وعمرو بن مسعدة وابن خفاجة والفضل بن يحيى والفضل بن الربيع والحسن بن سهل وإسماعيل بن صبيح والحسن بن وهيب وبني موسى بن شاكر وأبى الحسن الأشعري والوزير محمد بن علي بن مقلة (أشار ياقوت في ترجمته لأخي الوزير الحسن بأنه سيذكره في بابه ولكني لم أعثر على ترجمة له) وعبد الله ابن قتيبة (ذكر ياقوت ترجمة لولده أحمد) وابن المقفع ويعقوب بن إسحاق الصباح الكندي ومالك بن دينار والقاضي الفاضل وغيرهم ممن يصعب حصرهم في هذه العجالة. في حين أنه ترجم لشعراء كثيرين منهم الفرزدق وصريع الغواني وأبو دلامة وغيرهم ممن لا يتسع المجال لذكرهم ممن هم دون من أغفلهم شهرة ومنزلة، وهنا موضع التساؤل؟
إذا فرض أن ياقوت قد أغفل ذكر هؤلاء أو قسماً منهم فما هو يا ترى السبب الذي حمله على إغفال أمثال هذه الصفوة المختارة؟ وما هو السر في ذلك؟ وهل من الجائز أن يقال إنه تعمد عدم الترجمة لهم أو لقسم منهم لأسباب ودواع تمت إلى سياسة حكام عصره