(أن الذي يسحرني في الربيع هو الفجر يتهادى في مشيته على قمم الجبال، بينما كل شيء يضيء رويدا رويدا، وقطع السحاب اللازوردية تسبح في الفضاء جماعات جماعات. . . . . . . .)
(أما في الصيف فالذي يسحرني فيه هو الليل. . . يعجبني منه القمر المنير. .! وتسحرني الليلة الليلاء، حيث يطير في جوها الحالك الحباحب المشعة هنا وهناك. . وإذا تساقط المطر في تلك الليلة فأنه يزيد في جمالها وسحرها. . .
والذي يسحرني في الخريف هو المساء عندما ترقد الشمس في مغربها مرسلة سهامها اللينة نحو قمم الجبال العالية، فتسرع الغربان نحو أعشاشها تطير جماعات مثنى وثلاث ورباع! حقا أنه منظر فيه حزن وجمال. . . . وما اجمل المنظر وأبهاه إذا لاح في الأفق البعيد سرب من الطيور البرية الصغيرة!. . بعد ذلك تختفي الشمس وتزأر الرياح وتخرج الهوام والحشرات من مخابئها صائحة مهللة. كل ذلك مما يهيج في النفس ألما لذيذا. . . والذي يسحرني في الشتاء هو سقوط الثلج إذا ما تنفس الصباح، فتكتسي منه الأرض حلة بيضاء ناصعة، وعندما يقر البرد توقد النيران للتدفئة، حتى إذا ما انتصف النهار وخفت وطأة البرد ترى جمرات النار وقد تحولت إلى رماد ابيض، وذلك هو الحزن بعينه. . .!)
وفي القرون الأربعة التي أعقبت عصر (هايين) نجد القصة والشعر الياباني لا ينتقلان من مكانهما بعيدا، الا أننا نجدهما يتأثران كثيرا بالفلسفة البوذية، فينتعش الأدب التاريخي ويولد الأدب المسرحي في اليابان، وأبطاله (كابوكي) و (نو) وفي عام ١٦٤٢ يظهر في سماء الأدب الياباني (سيكاكو) وهو أستاذ الأدب الواقعي في اليابان، وقد خلف هذا الأديب مؤلفات وافرة وتلاميذ كثيرين وكانت الآداب اليابانية قبل عهده تعد في جملتها آدابا أرستقراطية كتبت لخواص الناس وأهل الثقافة منهم، فأتى سيكاكو وجعل من الأدب الياباني أداة للإفصاح عن مشاعر الإنسانية وعواطفها وهمومها وأحزانها أي تلك النواحي العامة التي قد يشعر بها رجل الطريق قبل أن يشعر بها رب الجاه والسلطان. وهو في وصفه وتحليله لتلك العواطف الإنسانية راعى الدقة التي يلاحظها النباتي في وصفه لزرعه؛ أو عالم الحيوان في دراسته لحشرة من الحشرات. وتظهر هذه المقدرة بأجلى بيان في قصته المسماة (حياة امرأة) وصف فيها سيكاكو كيف تكون حياة المرأة الخليعة