للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فأخبرناهم بخبرنا. وكانوا برابرة. فقال لنا أحدهم: أتعلمون كم بينكم وبين بلدكم؟ فقلنا لا، فقال: إن بينكم وبين بلدكم مسيرة شهرين. فقال زعيم القوم: وا أسفي. فسمي المكان إلى اليوم أسفي، وهو المرسى في أقصى المغرب)

والذي نستخلصه من رواية الإدريسي، أن الاخوة الذين نعتوا ظلما باسم المغررين أو المغرورين، ركبوا البحر المحيط من لشبونة عاصمة البرتغال الحالية، فضربوا في عرضه غربا، ثم انعطفوا نحو الجنوب، فوطئوا أرض جزيرة بها غنم وتين بري، بعد مسيرة أربعة وعشرين يوما؟. ونحن نستبعد أن تكون جزيرة الغنم هذه إحدى جزر اللازورد (أزوره) لأنها تقع غرب لشبونة لا إلى جنوبها الغربي؛ ولأنها جزر مسكونة من قديم الزمان عرفها القرطاجنيون والنورمانديون والعرب، كما جاء في دائرة المعارف الفرنسية. وقد هاجر إليها فريق من عرب أسبانيا بعد طردهم من الأندلس.

والذي نظنه، هو أن هؤلاء الاخوة حطوا رحالهم في إحدى جزر برمودة أو جزر الانطيل، إن لم يظعنوا إلى أحد أنحاء المكسيك، بلاد التين البري (وفصائل الصبير)، والتي كانت تزخر بقطعان الماشية المعروفة عند الغربيين باسم البافالو. (بالفرنسية أو قطعان اللاما إحدى فصائل الأغنام الأمريكية. والذي استوقفنا فيما تواتر على ألسنة الناس في هذه القصة هو ذكر الغنم والتين البري. أما الغنم فكانت الدنيا الجديدة عامرة بقطعان البافالو واللاما - وكاد النوع الأول ينقرض الآن لأن المستعمرين الأوربيين أكثروا من صيده للانتفاع بجلده - وأما التين البري فنحسب أنه تعبير وصفي لفصائل العائلة الصبارية التي تنبت في أمريكا الوسطى عامة وسواحل عامة وسواحل المكسيك خاصة، وهي مشهورة بها كشهرة مصر بنيلها وأهرامها. أفيحق لنا أن نظن أن ما هبط إليه الاخوة (المغامرون) كان أحد أنحاء المكسيك التي منها يخرج تيار الخليج ويعرج فيها:

هذا رأي لا يحمل إلا على محمل الظن. . والله أعلم

وهناك قصة لمغامر آخر اقتحم البحر المحيط، ولا يعرف إلا الله مصيره ومن تبعه. في النصف الأول من القرن الثامن الهجري (أوائل القرن الرابع عشر الميلادي) يحدثنا ابن فضل الله العمري في كتابه مسالك الأبصار في ممالك الأمصار عن الملك موسى بن أبي بكر أحد ملوك (مالي) في السودان الغربي، وكان معاصرا لصاحب مسالك الأمصار في أيام

<<  <  ج:
ص:  >  >>