للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فلا تتركن للناس موضع شبهة ... فإنك مجزي بحسب الذي تسدي

فقد غلطوا للناس في نصب مثله ... ومن ليس للمنصور بابن ولا المهدي

فكيف بمن قد بايع الناس والتقت ... ببيعته الركبان غوراً إلى نجد

ومن سك تسليم الخلافة سمعه ... ينادى به بين السماطين من بعد

وأي امرئ سمي بها قط نفسه ... ففارقها حتى يغيب في اللحد

ومنها:

فان قلت قد رام الخلافة غيره ... فلم يؤت فيما كان حاول من جد

فلم أجزه إذ خيب الله سعيه ... على خطأ إذ كان منه على عمد

ولم أرض بعد العفو حتى رفعته ... وللعم أولى بالتغمد والرفد

فليس سواء خارجي رمى به ... إليك سفاه الرأي والرأي قد يردي

ومن هو في بيت الخلافة تلتقي ... به وبك الآباء في ذروة المجد

فمولاك مولاه وجندك جنده ... وهل يجمع القين الحسامين في غمد

ويظهر لما اشتهر به من العلم والفضل والبراعة في الأدب أثره، فينتظم في سلك الكتاب بديوان الوزارة، ويظل يعمل لا يزيد على غيره من الكتاب شيئاً، ولا يمتاز عنهم بشيء إلا بما وهبه الله من علم وأدب.

ويتولى الوزارة للمعتصم أحمد بن عمار بن شاذي البصري، ويرد على الخليفة من بعض عماله كتاب يقرؤه الوزير عليه، وكان في الكتاب ذكر الكلأ، فيسأله المعتصم: ما الكلأ؟ فيقول: لا أعلم، وكان قليل المعرفة بالأدب، فيقول له المعتصم: خليفة أمي، ووزير عامي! وكان المعتصم ضعيف الكتابة، ثم يأمر أن يبصروا من بالباب من الكتاب، وتشاء الأقدار التي تيسر كل إنسان لما خلق له، أن يكون بالباب محمد بن عبد الملك الزيات، ويدخلونه إلى الخليفة فيسأله: ما الكلأ؟ فيجيب: الكلأ العشب على الإطلاق، فان كان رطباً فهو الخلا، فإذا يبس فهو الحشيش، ثم يشرع في تقسيم أنواع النبات فيعلم المعتصم فضله فيستوزره ويحكمه ويبسط يده.

ويبلغ الفتى بالوزارة الذروة مما كان يطمح إليه، فيعلو شأنه وتنفذ كلمته، ويدل بما عرف عنه من العلم والفضل فيشترط إذ بتولي الوزارة ألا يلبس القباء وأن يلبس الدراعة ويتقلد

<<  <  ج:
ص:  >  >>