ويبدي أحدهما إعجابه بشيء معين وقد يكون على حق، ولكن سرعان ما يغير وجهة نظره بعد ملاحظة صغيرة من رفيقه فيبدو له قبح ما كان يعجب به، وقد ينقم إنسان على نفسه لتصرف يعتبره خاطئاً، ولكن سرعان ما يعد ذلك النوع من الإيحاء إيهاماً، لأن الأفكار الموحى بها كثيراً ما تكون مخطئة. وترك كلمة إيحاء للأفكار الصحيحة التي لا تحتمل الشك. وعلى كل حال فان الأفكار الموحى بها سواء أكانت صحيحة أم خاطئة فأنها تتبع نفس الطريق. أي إنها تسير من الشعور إلى اللاشعور حيث يحتويها ذلك الأخير فتصبح كالأفكار الذاتية ويعتقد بها الإنسان تمام الاعتقاد
والفكرة سواء أكانت ذاتية أم موحاة، تتحول في اللاشعور من مجرد تخيل إلى حقيقة متخيلة، وترسل على هذا الاعتبار الى الشعور فيتولى تحويلها من حقيقة متخيلة إلى حقيقة فعلية، أو بمعنى آخر من فكرة إلى فعل (من إلى وهكذا يكون التخيل من عمل اللاشعور، وتنفيذ التخيل من عمل الشعور. والشعور مع هذا ليس آلة ميكانيكية لتنفيذ تخيلات ورغبات اللاشعور، بل أنه قد يرد بعض هذه التخيلات إلى اللاشعور لعدم ملاءمة تنفيذها وهنا تحدث المشادة بينهما.
فإذا أمكن إقناع مريض عصبي بأن يده المشلولة قد شفيت تماماً فان فكرة الشفاء هذه تتحول في اللاشعور إلى حقيقة متخيلة أو بتعبير أدق إلى حقيقة نفسية. وترسل على هذا الاعتبار إلى الشعور حيث يتولى إثبات هذه الحقيقة بإخراجها من حيز التخيل إلى حيز الفعل فيأمر العضات أن تنقبض، وهكذا تتحرك اليد ويتحقق الشفاء الموحى به. والمريض العصبي لا يمرض إلا إذا تخيل المرض ولا يشفى إلا إذا تخيل الشفاء
وهناك قانون آخر كشف عنه كوويه وهو أنه إذا حدثت مشادة بين الإرادة والتخيل أو بين التمييز من جهة واللاشعور والشعور من جهة أخرى، فان الغلبة تكون دائماً للتخيل على الإرادة. فشارب الخمر أو الدخان عنده إرادة قوية تحاول منعه من تعاطيهما، ولكن تخيله احتياجه إلى الشرب أو التدخين يقهر الإرادة عنده ويستمر في التعاطي. وهكذا نرى كوويه يتحدث عن المشادة وهي تقرب من المشادة التي يتكلم عنها فرويد بين اللاشعور والشعور، ولو أن مشادة كوويه شعورية ومشادة فرويد لا شعورية أو تكاد. ولهذا أشار هذا الأخير بتحليلها ومعرفة أسبابها وعرض نتيجة ذلك على التمييز ليبت فيها بصورة معقولة، أما