فقالت الرئيسة (انك لم تسمعي ما أقول - وقد اقتنعت وا أسفاه بهذا) قالت ذلك وسحبت الخيط سحبة تدحرجت لها كرة الخيوط على البلاط الصقيل اللامع، وتبعتها أولجا بنظرة مستطلعة. ثم رفعت الرئيسة عينيها إليها وقالت (سوف لا أكرر ما أقول. سوف لا أكثر من القول).
راق (اولجا) غرفة المطالعة هذه، وراقتها نظافتها الغريبة واتساعها غير المألوف. وأعجبتها زنابق الورد الجنية الزاهية التي كانت موضوعة في زهرية فوق المكتب. جلت بنظرها إلى القيصر الشاب وقد صور بكامل جسمه في بهو فاخر، ولبثت ساكتة لا تنبس ببنت شفة.
قالت الرئيسة في لهجة تدل على معنى مقصود منها. وقد شعرت في نفسها بسورة من الغضب:(انك لم تعودي الآن بنتاً صغيرة)
فأجابت أولجا في سذاجة يغلب عليها الحبور. (نعم. سيدتي!)
قالت الرئيسة ولا يزال في لهجتها معنى تقصده، وتتعمد الإلماع إليه (لكنك لم تصبحي امرأة بعد) واحمر وجهها الشاحب بعض الحمرة وقالت (خبريني أولاً: لماذا تصففين شعرك بهذا الشكل؟ انك لتصففينه كالمرأة).
فأجابت أولجا (ليس من ذنبي يا سيدتي أن يكون شعري جميلاً) وأمسكت شعرها المنظم الجميل بكلتا يديها وبشكل لا يخلو من دلال.
فقالت الرئيسة (أحقاً ما تقولين؟ أصحيح أنه لا لوم عليك؟ - ألا تلامين على الطريقة التي تنظمين بها شعرك؟ ألا تلامين على هذه الأمشاط الغالية؟ ألا تلامين إذا أفقرت أبويك باقتناء حذاء بعشرين روبلا؟ ولكني أكرر القول بأنه قد غاب عن بالك انك لا تزالين طالبة ليس إلا). وهنا قاطعتها أولجا فجأة بأدب ومن غير أن تفقد شيئاً من بساطتها وهدوئها قائلة (عفواً يا سيدتي انك خاطئة، إنني في الواقع امرأة، وهل تعلمين من يلام على ذلك؟ انه صديق أبي وجاره أخوك (الكسي ميكالوفتش). . . وقد وقع ذلك في الريف في الصيف الماضي).
بعد هذا الحوار بشهر أطلق ضابط من أجلاف القوزاق سمج أخرق، في هيئة السفلة من الرعاع والأفاقين، على أولجا عياراً نارياً أرداها قتيلة وهي في جمع من الناس على