بينه وبين فرد آخر أو أكثر من الأفراد، أياً كانت حالة الاجتماع من القبيلة البدائية إلى جامعة اللغات والعناصر والأديان
وكل أسرة وجدت بين الناس فهي محاولة مستمرة لتحقيق هذين الغرضين الغريزيين، ولولاهما لما كان هذا الإصرار على خلق الأسرة ومحاولة تحسينها وتنظيمها في كل مكان.
وما هو الأثر الذي يترتب على إلغاء الأسرة بأنواعها المعروفة بين الأجيال البشرية؟
إن أول الآثار التي تشاهد في هذه الحالة أن الناس يخلفون الأسرة بما يشبهها وينوب عنها، فلا يكفيهم مجرد الاجتماع في مكان واحد ولا يغنيهم أنهم يشتركون في المأكل والمشرب مئات وألوفاً كما يحدث في الجيوش والأديرة والمدارس الداخلية، ولكنهم يخلقون حنان الأسرة ورعاية الأبوة والأمومة خلقاً يعلمون أنه اصطناع ولا يستغنون عنه مع علمهم أنه اصطناع. فتظهر أسماء التحبيب والتصغير في الجنود، ويتسمون بأسماء (تومي وجوني) كأنهم أطفال صغار، وتظهر الحيوانات الداجنة التي يعطف عليها المعسكر كما يعطف على أبناء البيت، وتطهر أمومة الكنيسة وأحضان المدرسة وأخوة الدير وأشباه هذه القرابات، وهي شيء غير ألفة الاجتماع بين الناس بمعزل عن هذه القرابات (العائلية) التي يخلقها المجتمعون معها حتى لو وجدت لكل فرد منهم علاقته العائلية بذويه.
وإذا فقد الإنسان هذا الشعور الحميم لم يكن قصارى الأمر عنده أنه يعاني (النقص الاجتماعي) في أخلاقه القومية أو أخلاقه الإنسانية، بل كان من جراء ذلك أنه يعاني نقصاً (بيولوجياً) يؤثر في الغريزة والعقل ويدل على أن المسألة في أصولها مسألة الحياة لا مسألة الأوضاع والأنظمة والقوانين.
ومن الصفات المشتركة بين جميع الأسر في جميع الشعوب والأجيال أنها قيد للعلاقات الجنسية ملحوظ فيه مصير النسل على نحو من الأنحاء. فكل أسرة هي ضابط للنسل وليست وحدة من وحدات البنية الاجتماعية الكبيرة وكفى، ولا عجب في اختلاف الضوابط والقيود، بل العجب كل العجب أن تتفق كل الاتفاق من المحاولة الأولى إلى الأخيرة، فإن ذلك لهو المستحيل الذي لا يخطر على البال فضلاً عن انتظاره وتعليق الاعتراف بالغريزة في تكوين الأسرة عليه.
ولا نقول إن هذا الضابط مقصود لغاية من الغايات أو غير مقصود؛ ولكننا نقرر المشاهد