ويشبهها بالترخيصات التي يمنحها مركز التموين في الشرق الأوسط للاستيراد حسب الحاجة الضرورية! ثم يقول:
(ولعلي لست مخطئاً في التشبيه عندما أقول في معرض حديثي عن البعثات أن ثمة (كوتا) علمية بين الأقطار العربية المتعاونة، وأن على المكتب الثقافي الدائم في القاهرة توزيعها بالعدل والقسطاس بين البلدان الشقيقة، مراعياً في ذلك الإمكانيات والحاجات الثقافية في كل بلد متعاون، فلا يكون تبادل البعثات العلمية مظهراً من مظاهر الفوضى، بل يخضع لخطة مرسومة مبنية على دراسة علمية صحيحة للحالة الثقافية الراهنة في مختلف الأقطار العربية. ولن يتم توزيع (كوتا) العلم ما لم تعد كل حكومة عربية تقريراً ضافياً يحتوي على الحد الأقصى لما تستطيع قبوله في معاهدها العليا والثانوية من طلاب الأقطار الأخرى من جهة، ويحتوي على ما تشعر بأنها في حاجة ملحة إلى إيفاده من بعثات إلى الأقطار الشقيقة من جهة ثانية. ومتى تم وضع هذه التقارير وزعت مقاعد الدراسة على ضوئه. فإذا كانت مصر مثلاً قادرة على قبول ١٠٠ طالب في معهد التربية لإعداد المعلمين، فإن مهمة المكتب الثقافي الدائم تنحصر في توزيع هذا (الكوتا) بالعدل بين حكومات الأقطار المتعاونة مراعية في ذلك المستوى الثقافي في كل إقليم، مفضلة الحاجات الملحة السريعة على سواها)
ومن هذه المقتطفات تبدو الروح العامة التي عالج بها المؤلف حقيقة العلاقات بين أمم الجامعة العربية كما تتبين طريقته العملية في معالجة وسائل التعاون، وإحالتها إلى حقائق ملموسة ممكنة التنفيذ في نظام دقيق.
وبمثل هذه الروح عالج جميع الأسس التي يقوم عليها التعاون. ولكن هذا لم يكن كل محتويات الكتاب، فقد تطرق من أسس التعاون إلى موضوعات في صميم التربية والتعليم، كمكتبة الطفل، ومجلة الطفل، ووسائل الإيضاح، والأهداف الوطنية والثقافية والروحية من المناهج وكان موفقاً في هذا كله، لأنه آثر أن يعالج موضوعاته في بساطة وعمق وأن يصوغ تعبيره في قالب دقيق.
وثمة أمر آخر ساعد المؤلف على النجاح في دراسته لموضوعه. . . ذلك هو الإخلاص في مواجهة الحقائق بروح الإنصاف. فقد نبه إلى مواطن النقص في وسائل الثقافة عند كل