شعب، وإلى مواطن الكمال أو التفوق حيثما وجدها بلا تحيز إقليمي لا معنى له.
فهو يقول مثلاً عند الموازنة بين هذه الوسائل في مصر وشقيقاتها:(لقد زرت عدداً كبيراً من المدارس - على اختلاف أنواعها - في مصر والعراق وسوريا ولبنان وفلسطين؛ وأستطيع أن أصرح دونما تحيز أو مواربة، بأن المعاهد المصرية الرسمية تأتى في الطليعة من حيث أخذها بالأساليب الحديثة في التربية والتعليم وسخاء الحكومة في الإنفاق عليها لتتوفر فيها الشروط الفنية؛ ويشمل قولي هذا المعاهد الابتدائية والثانوية والعليا، العامة منها والفنية المهنية. لذلك أدعو الأقطار العربية أن تتعرف تماماً إلى هذه المعاهد المصرية قبل البدء بإنشاء مدارس جديدة أو القيام بإصلاح عام في مدارسها القديمة. . .)
ويقول في صدد المعاهد التي تخرج المعلمين في جميع بلاد الجامعة العربية:(وبوسعي أن أقول جازماً: إنه يتعذر الآن على أية حكومة عربية إنشاء معهد كدار العلوم العليا لتحضير أساتذة اللغة العربية، هذا المعهد الذي يتهمه البعض بالرجعية ويود إلحاقه بالجامعة؛ ولكنه على الرغم من ذلك مفخرة من مفاخر مصر، ومعقل من معاقل العروبة، وإليه يعود الفضل الأكبر فيما أنجبته مصر من أساتذة متمكنين من فقه اللغة وفلسفتها وقواعدها، متعمقين في فهم روح البلاغة وأسرارها، مختصين في أساليب تدريسها. فلماذا لا تفتح أبواب هذا المعهد على مصاريعها في وجه الأقطار العربية، فيخرج لها نخبة صالحة لتدريس اللغة العربية في الأقسام الثانوية؟ وقد أسلم جدلاً بأن منهاج دار العلوم مثقل بالمواد القديمة الصعبة المرهقة والجافة أحياناً، ولكن فهمنا للغة فهماً صحيحاً يخولنا تدريسها بكفاءة، لا يمكن أن يتم إلا بعد دراسة عميقة لهذه العلوم على النحو المتبع في دار العلوم.
(وتستطيع كلية اللغة العربية في الجامعة الأزهرية أن تقبل الراغبين في التخصص باللغة العربية إلى جانب العلوم الدينية. وهذه قد لا تشترك فيها جميع الأقطار العربية)
وبمثل هذا الإخلاص في مواجهة الحقائق بروح الإنصاف سار في بقية فصول الكتاب، فلم يقتصر كذلك في نقد مواضع النقص حيثما وجدت. وحينما ساقه الحديث مثلاً عن (مكتبة الأطفال) كشف عن نقصها وفقرها في جميع بلاد الجامعة العربية ومصر من جملتها وكان محقاً كما كان منصفاً.
هذا الإخلاص في مواجهة الحقائق يجعلنا نوجه الحديث بصراحة إلى الأستاذ المؤلف،