للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

من أعتاده وتمرن عليه، فإذا حذقت الأجيال الآتية من أبنائنا هذه الكتابة وأهملوا الكتابة بالحروف العربية القديمة نسوا هذه الأخيرة بالطبع وجهلوا قراءتها. فتنقطع صلتهم بثقافة ماضيهم والاستمتاع بآثار أسلافهم. ومثاله القريب حروف الكتابة المغربية الأفريقية اليوم فإنها عربية في أصلها، لكن طرأ عليها من الأشكال والأوضاع والنترات والتقوسات ما حولها عن شكل الخط العربي المشرقي إلى خط خلاسي حتى أصبحنا نحن المشارقة عاجزين عن قراءة خطوط المغاربة، وبذلك انقطعت صلتنا بثقافتهم وآثار علمائهم وهم إخواننا وأهلونا.

(وإنا نرى أقدامنا في نعالهم=وآنُفَنا بين اللِحَى والحواجب)

وكم مرة حملنا كتابات هؤلاء الأخوان ومصنفاتهم المخطوطة أو المطبوعة بحروفهم إلى من يقرؤها لنا منهم، وقد لا نجده، غير أن هذا كان قبل أن ينهض إخواننا فضلاء المغرب إلى تدارك هذه القطيعة بيننا وبينهم، أما اليوم فقد أخذوا يطبعون وينشرون آثارهم القلمية بحروفنا المشرقية، وبذلك عدنا إلى الوصل واجتماع الشمل، وإلى الانتفاع بآثار عملهم والارتواء من معين فضلهم.

هذا بعض ما يقال في لمز الكتابة الميسرة المتوقع اختيارها، فإذا كان ما يقوله هؤلاء العائبون لها حقاً، وكان ما قاله أولئك في لمز الحروف اللاتينية حقاً أيضاً، وقعنا في حيرة من أمرنا، وأركسنا في اليأس من تيسير كتابتنا، وتسهيل تناول العلم على أحداثنا.

هنا أسمع بعض الملهمين يقول مستبشراً: إنه لا ينجينا من هذه إلا إذا أصغينا إلى هاتف الأمل، يهتف بنا من وراء حجب المستقبل؛ فهو ينصح لنا - أولاً - بالبقاء على الثقة بكتابتنا العربية الجميلة التي ورثناها عن ابن مقلة. ويبشرنا - ثانياً - قائلاً: أنكم علمتم مبلغ التطور المتوقع حدوثه بعد هذه الحرب، وسيكون هذا التطور على أشده في الصناعات ومختلف آلاتها وأدواتها، ومن الصناعات التي سترتقي وتتطور إلى أقصى حد من الترقي والتحسن صناعة طبع الكتابة، أي تصويرها بالفوتوغراف بآلة خاصة، وطريقة خاصة، وقد ارتقت هذه الآلة، وطريقة التصوير بها في سنين قليلة إلى حد أن مجلة (المستمع العربي) التي تطبع في لندن باللغة العربية أصدرت منذ نحو شهرين عدداً قدمته إلى القراء بقولها: (قمنا في هذا العدد بتجربة جديدة، ذلك أننا قررنا جرياً على خطتنا في

<<  <  ج:
ص:  >  >>