الدسوقي المتوفي عام ٦٧٦ للهجرة: ففي هذا النظم أشياء كثيرة لا توافق ما هو مألوف لما في هذا القول من اتحاد الذات في الإنسان وفي الأشياء. والقصيدة مرآة صافية لفكرة وحدة الوجود التي شاعت في أوربا أيضاً واعتنقها من الفلاسفة والمفكرين ولا سيما أولئك الذين درسوا الآداب الشرقية واطلعوا على تراجم الأشعار الفارسية على الأخص كالشاعر غوته الذي دان بمذهب وحدة الوجود يقول هذا المتصوف الزاهد الذي يرجع بنسبه إلى الإمام عليّ ين أبي طالب والذي تأثر بآراء من سبقه كم كبار المتصوفة كالحلاج والسريّ والسقطى والجنيد البغدادي والشيخ عبد القادر الجيلي على الأخص في جملة ما قاله هذه الأبيات:
تجلَّى لي المحبوب في كل وجهة ... فشاهدته في كل معنى وصورة
وخاطبني منيّ بكشف سرائري ... فقال أتدري من أنا قلت منيتي
فأنت منائي بل أنا أنت دائماً ... إذا كنت أنت اليوم عين حقيقي
فقال كذلك الأمر لكنه إذا ... تعينت الأشياء كنت كنسختي
فأوصلت ذاتي باتحادي بذاته ... بغير حلول بل بتحقيق نسبتي
فصرت فناء في بقاء مؤبد ... لذات بديمومية سرمدية
وغيبني عني فأصبحت سائلاً ... لذاتي عن ذاتي لشغلي بغيبتي
وأنظر في مرآة ذاتي مشاهداً ... لذاتي بذاتي وهي غاية بغيتي
فأغدو وأمري بين أمرين واقف ... علوميَ تمحوني ووهميَ مثبتي
ومنها:
أنا ذلك القطب المبارك أمره ... فإن مدار الكل من حول ذروتي
ومنها:
وبي قامت الأنباء في كل أمة ... بمختلف الآراء والكل أمتي
ولا جامع إلا ولي فيه منبر ... وفي حضرة المختار فزن ببغيتي
ومنها:
بذاتي تقوم الذات في كل ذروة ... أجدد فيها حلة بعد حلة