ومحمود هذا على زعم (الواحدية) هو المقصود بقوله تعالى: (عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً) وقد مزج أصحابه بين الفلسفة اليونانية وبين الصوفية الهندية الإيرانية، وبين علم النجوم وأحكام الدين حتى تولدت من هذا المزيج الغريب (غنوسطية) لا هي مسيحية ولا هي إسلامية ولا هي شرقية بحتة، بل هي وسط بين هذا وذاك أكملها علماؤهم على مر السنين، وتباينت كلما قدم العهد عليها، أمثال (درويش إسماعيل) و (ميرزا تقي) و (شيخ لطف الله) و (شيخ شهاب).
وللواحدية كتاب اسمه (الميزان) يتألف من رسائل فيها علوم الأولين والآخرين منذ يوم الخليقة إلى يوم يبعثون، فيها من المغيبات والنبوات وكل ما يحتاج إليه الإنسان. وأهم ما في هذا الكتاب هو أن دين العرب سيدوم ثمانية آلاف سنة لأن برجه (الثريا)، ثم ينطوي ذلك الدور ويأتي بعده دور العجم حيث يدوم نفس هذا المقدار.
وكانت للواحدية عصبة اتخذت لها مدينة (أصفهان) في إيران مقراً وكانت لها جماعة وأنصار، وقد زارها مؤلف الكتاب ووجد لها دعاة في تلك المدينة، ولكن الشاه عباس الصفوي أبن الشاخدابندة قضى على هذه الجماعة ونكل بها حتى لم تبق لها بقية على ما يراه مؤلف الكتاب.
لم يعرف عن مؤلف الكتاب شيء، وقد اجهد المستشرقون أنفسهم للتعرف على هذا المؤلف ولكنهم لم يصلوا إلى نتيجة حاسمة حتى الآن. وكان أول من عرف هذا الكتاب إلى الأوربيين هو المستشرق الفرنسي (ده تاسي) ثم ترجم إلى اللغة الإنكليزية، ترجمه المستشرق الإنكليزي (كلادوين) بعنوان ولم تكن ترجمته ترجمة صحيحة مضبوطة فأكملها (داود شي) ' ثم (أنطوان ترير)
وذهب المستشرقون إلى أن مؤلف الكتاب هو رجل يدعى (محسن فاني) لما جاء في مقدمة بعض الطبعات: (يقول محسن فاني) ولعله الشيخ محسن فاني الكشميري المتوفى عام ١٠٨٢ للهجرة أو ١٠٨٢. ولهذا الشيخ مؤلف اسمه (مصدر الآثار مثنوى) وهو شعر على طريقة المتصوفة كتبه سنة ١٠٦٧ للهجرة. وتوجد نسخة منه في مكتبة إدارة الهند.
ولعل أهم ما لفت أنظار المستشرقين إلى هذا الكتاب هو وجود سورة سماها المؤلف (سورة