للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

عن المفكرين غير المسلمين الذين لم يعرفوا الأساس الأول للإسلام والدين عامة)

فماذا قلت أنا في كتابي مما بني عليه الأستاذ عبد المنعم هذه الأحكام؟

لقد قلت:

(كانت وظيفة القرآن إذن إن ينشئ هذه العقيدة الخالصة المجردة (عقيدة التوحيد). وموطن العقيدة الخالد هو الضمير والوجدان - موطن كل عقيدة لا العقيدة الدينية وحدها - وأقرب الطرق إلى الضمير هو البداهة، وأقرب الطرق إلى الوجدان هو الحس. وما الذهن في هذا المجال إلا منفذ واحد من منافذ كثيرة، وليس هو على أية حال أوسع ولا أصدقها ولا أقربها طريقاً)

إلى أن قلت:

(فالذهن الإنساني خليق بأن يدع للمجهول حصته، وأن يحسب له حسابه. لا يدعو إلى هذا مجرد القداسة الدينية، ولكن يدعوا إليه اتساع الآفاق النفسية وتنفتح منافذ المعرفة. (فالمعقول) في عالم الذهن و (المحسوس) في تجارب العلم، ليساهما كل (المعروف) في عالم النفس. وما الفكر الإنساني - لا الذهن وحده - إلا كوة من كوي النفس الكثيرة. ولن يغلق إنسان على نفسه هذه المنافذ، إلا وفي نفسه ضيق، وفي قواه انحسار، لا يصلح بهما للحلم في هذه الشئون الكبار).

ثم قلت:

(لقد عمد القرآن دائماً إلى لمس البداهة وإيقاظ الإحساس، لينفذ منهما مباشرة إلى البصيرة، ويتخطاهما إلى الوجدان. وكانت مادته هي المشاهد المحسوسة، والحوادث المنظورة، أو المشاهد الشخصية، والمصائر المصورة. كما كانت مادته هي (الحقائق) البديهية الخالدة، التي تتفتح لها البصيرة المستنيرة، وتدركها الفطرة المستقيمة).

فأين فيما قلت: (إن منطقة الدين هي الوجدان وحده) في الوقت الذي أقول فيه: (وما الذهن في هذا المجال إلا منفذ واحد من منافذ كثيرة). . . كل ما يفهم من مجموعة ما قلت أنني لا أريد أن أكل هذه المهمة الضخمة لهذا الذهن الإنساني المحدود (وحده)، وفيها ما يتصل بالغيب المجهول.

ثم أعتقد أنني كنت دقيقاً في التعبير وأنا أذكر (الحقائق البديهية الخالدة) بل وأنا أذكر

<<  <  ج:
ص:  >  >>