وأقدم الكتب التي خلفها كتاب هذه البلاد في الماضي هي في الغالب دواوين شعر هو في كثير من الأحيان شعر ديني ذو نزعة صوفية. وقد قام لويس شيخو بدراسة فيها شيء من التفصيل للشعراء النصارى القدامى في تلك المنطقة. وأشهر المنظومات غير الدينية، وأصلحها تمثيلاً لغيرها، هي (القصيدة الحميرية) لنشوان بن سعيد، وفيها يتحدث الشاعر عن افتخاره بالتراث الموروث في العلم والعزة والسلطان. ومن ذلك قوله:
وملوك حمير، ألف ملك، اصبحوا ... في الترب رهن صفائح وضراح
آثارهم في الأرض تخبرنا بهم، ... والكتب من سير تقص صحاح
أنسابهم فيها تبين، وذكرهم ... في الطيب مثل العنبر الفياح
ملكوا المشارق والمغارب، واحتووا ... ما بين أنقرة ونجد الجاح
ملت ثمود وعادا الأولى معاً ... منهم ملوك لم تكن بشجاح
وكان للمؤلفات التاريخية دائماً ازدهار وخاصة في العصر الرسولي حينما كانت زبيد مركزاً لحركة أدبية منتعشة. ونكاد نكون في غنى عن التنويه بأمثال هؤلاء المؤلفين أو هذه الكتب: عمار الخزرجي، والجندي ثم تواريخ صنعاء والغز. وكان من الطبيعي، في بلاد تقوم فيها الحياة على نظم القبائل، أن يشغل علم الأنساب بال المؤلفين، وقد كتب فيه السلطان الملك الأفضل، كما أن هناك مجلداً ضخماً عن تاريخ الأولياء وطبقات الفقهاء في بلاد اليمن، إلى جانب سير الصحابة والمدائح النبوية.
ذلك إلى أننا نجد كثيراً من الكتب الزيدية بأقلام أتباع المذهب الخامس كما يسمى الزيدية مذهبهم، كما نجد كمية عظيمة من الكتب الفقهية الشافعية، وتنقسم البلاد جغرافياً إلى قسمين: اليمن الأعلى واليمن الأسفل، ويتبع الانقسام المذهبي ذلك الانقسام الجغرافي على وجه التقريب. ويمكن أن تسمي صنعاء الحاضرة الثقافية للزيدية، على حين أن زبيد، وتريم وغيرهما من المدن الجنوبية ذات المعاهد العلمية التي أنشأها أو أحياها الأمراء الرسوليون، ما زالت مراكز لفته المذهب الشافعي.
ومن أنصع الأدلة على أهمية البلاد من حيث هي مركز ثقافي في العصور الوسطى أن السلطان الملك الأشرف دعا العالم اللغوي الشهير الفيروز ابادي للإقامة هناك في نهاية القرن الثامن الهجري، ثم عينه بعد ذلك قاضياً للقضاة. ومعظم الكتب التي ألفت في