في تاريخ الإمام يحيى. وقد بلغ من ارتباط الأسرة الزيدية المالكة ببلاد اليمن وما جرى لها، سواء في طول المدة أو وثاقة الصلة، ما جعل هذين الكتابين على شاكلتهما ضرباً من الدعاية للأسرة الحاكمة. ومن المرجح أن ذلك سيساعد على خلق روح القومية في البلاد. ومما يشغل بال حكام اليمن اليوم التربية والكتب المدرسية، وهي مشكلة من المحتمل أن تزداد إلحاحاً على مرور الأيام. فأطفال المدارس الأولية مثلاً قلما يستعملون كتباً مطبوعة، وإن كانت مدارس صنعاء تستعمل إلى حد ما كتاب (القاعدة البغدادية) لعيسى البابي الحلبي، كما أن لدى إدارة المعارف مجموعة صغيرة من المطبوعات المدرسية. وفي (المدرسة العلمية) يكاد الطلاب لا يستعملون سوى المخطوطات التي ينسخونها بأنفسهم. وطبع كتاب في قواعد اللغة أو علم النحو، وكذلك كتاب مؤلف في القرن العاشر اسمه (كتاب العلماء والمتعلمين) وهو يبحث في آداب المعلمين والطلاب، ويبحث هذا الكتاب كذلك في طريقة الخط ونسخ المخطوطات. وحسبنا في أنه رؤى أن هذا الكتاب يستأهل الطبع دليلاً على نوع التربية التي ما زالت سائدة هناك، فإن البلاد التي أخذت بنصيب أوفر في التقدم لا ترى في مثل هذا الكتاب ما يزيد كثيراً على قيمته التاريخية من حيث هو أثر من الآثار. وبانقطاع علماء اليمن عن الاتصال المباشر بسائر البلاد العربية، بعوامل البيئة الجغرافية والاعتبارات المذهبية، أصبحوا على غير شاكلة العلماء في البلاد الأخرى.
على أن مطبعتي صنعاء أخرجتا عدة كتب فيها روح جديدة، فهناك كتابان في الفنون الحربية، وكتاب في الزراعة. وقد ظهر الكتابان الحربيان في سنتي ١٣٤١ و١٣٥١هـ. وأسم أولهما (كتاب التربية العسكرية)، ومؤلفه هو حسن تحسين باشا، وهو رجل سوري كان في وقت من الأوقات قائداً للجيش الهاشمي. وبين سنتي ١٩٣١ و١٩٣٣م كان هذا الضابط في اليمن يعيد تنظيم جيش الإمام، والقواعد التي وضعها في هذا الكتاب تدل على درجة أعلى في تنظيم الجيش مما هو قائم الآن، ولكنها تؤمل مجيء وقت تتحسن فيه الإدارة الحربية.
أما كتاب (رسالة في فن زراعة الأشجار المثمرة) فكان من تأليف أحمد واصف بك، المستشار الزراعي في الحقبة التي في سنتي ١٩٣٥ و١٩٣٦م. ويعالج الكتاب، كما يدل