للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مثل ما ترجع إليه جاليات الحضارمة في الهند. وللحضارمة مطبوعات نشرت في بتافيا، عاصمة الهند الشرقية الهولندية منذ سنة ١٨٧٥ وتتناول هذه المطبوعات في معظمها العلوم الدينية، والفقه، وعلم التوحيد، وبعضها طبع حجر وبعضها طبع حروف؛ وبعد ذلك التاريخ بعشرة أعوام طبعت خريطة هامة لشبه الجزيرة العربية، وكذلك الأطلس العربي، للسيد عثمان، على مطبعة الحجر.

ومعلوماتنا عن الجهود الأدبية للحضارمة خارج وطنهم، معلومات متناثرة في جملتها، وبما أنهم أقليات في تلك البلاد التي اتخذوها وطناً لهم - مهما تكن تلك الأقليات مهمة - فقد جر النسيان ذيله على جهودهم الأولى. وليس فيما أعلم في مكلا نفسها مطبعة، وإلى أن تنشأ هناك آلة للطباعة لن يكون مفر من أن ينتشر الأدب عن طريق المخطوطات التي تنسخها الأيدي أو عن طريق المطبوعات التي تستورد من البلاد العربية الأخرى. وهذا أدعى إلى الأسف، إذ أن للبلاد تاريخاً ثقافياً عريقاً تمكن المحافظة عليه وتغذيته بما يعيد إليه الحياة مرة أخرى، بإدخال فن الطباعة.

الصحافة والمطابع في الجنوب الغربي لجزيرة العرب

أصبحت الجرائد اليوم مصدراً من المصادر التي يعتمد عليها التاريخ، وإن كان من غير الممكن أن نقول عنها في الغالب دقيقة، أو نزيهة عن المحاباة، أو إنها دائماً حسنة الأسلوب، بل لا نستطيع أن ندعي لها أنها تضع أمامنا صورة صادقة عما هو حادث في البلاد فعلا. والحق أن المؤرخ اليقظ لا يترقب أن يجد في الجرائد تلك الصفات، وهو إذ يرجع إليها إنما يرجع إليها مع شعوره بتشيعها، ليوضح طريقة للحوادث في ضوء ميولها الحزبية، فستنتج من الجرائد المختلفة آراء الأحزاب المختلفة عن شأن من الشئون، ثم يعتمد على مصادر أخرى أقل تشيعاً ليستقي منها التأويل الحقيقي للحوادث. على أن المؤرخ الأدبي أسعد حظاً من زميله المؤرخ العام، إذ أن الجرائد هي إلى حد كبير مرآة تنعكس عليها الحركات الأدبية للعصر الذي تصدر فيه، بل إنها في بلاد مثل بلاد الجنوب الغربي للجزيرة الغربية تكاد تكون الوسيلة الوحدة لنشر الآداب. وقد شاهدنا جميعاً الدور الهام الذي قامت به الجرائد في نهضة الأدب العربي في مصر وسورية، فمن المهم إذن أن نتدبر أثر الجرائد في المجهودات الأدبية في ذلك الركن من شبه الجزيرة العربية.

<<  <  ج:
ص:  >  >>