وفي منتصف القرن التاسع عشر نشر عالم هولندي اسمه فان دن بيرغ ثبتا بالجرائد العربية التي كانت متداولة بين الجاليات العربية في الهند الشرقية، ولنا أن نفترض أن كل تلك الجرائد كانت متداولة في المدن التي كان يمكن الوصول إليها في الجنوب الغربي للجزيرة العربية، وكانت هناك جريدة (الجوائب) التي أسست في إستنبول سنة ١٨٦٠ وكانت تطبع فيها، وقد عطل الباب العالي هذه الجريدة، ولكنها عادت للصدور مرة أخرى سنة ١٨٨٥ باسم جريدة (القاهرة). كذلك كانت جريدتا (الاعتدال) و (الإنسان) تصدران في إستنبول وتتداولان في الهند الشرقية. ومما كان منتشراً في الهند الشرقية أيضاً الجرائد البيروتية الآتية:(الجنة) و (لسان الحال) و (ثمرات الفنون)؛ ومن القاهرة جريدة (الوطن)؛ ومن الإسكندرية جريدتا (الأهرام) و (روضة الإسكندرية)؛ ولعل أهم ما كان متداولاً من الجرائد هناك، من الوجهة السياسية، هو صحيفة (العروق الوثقى) وهي مجلة دعاة الوطنية من العرب وكانت تصدر في باريس.
وليس من الميسور الحصول على معلومات فيما يتعلق بإنشاء المطابع وتأسيس دور الطباعة في الجنوب الغربي للجزيرة العربية. ذلك إلى أنه يظهر أن معظم المطبوعات الأولى التي أخرجتها تلك المطابع كان ذا صبغة وقتية فاختفى غير مخلف له أثراً يهتدي به على نوعه أو قدره. وما كتب له البقاء من الوسائل أو الجرائد التي طبعت في تلك المطابع في عهدها الأول، يرجع أنه اليوم مبعثر بين المكتبات الخاصة والعامة في تركيا، والهند، وصنعاء، وعدن، وبريطانيا العظمى، ولكن القارئ العادي لا يعرف شيئاً عن وجودها. على أن لدينا شيئاً من المعلومات عن تأسيس الجريدة اليمنية (صنعاء) التي كانت تطبع بالعربية والتركية. ففي سنة ١٨٦٧ قررت الحكومة التركية العثمانية أن يكون في عاصمة كل ولاية من ولايات الدولة العثمانية مطبعة، وأن يقوم كبار الموظفين في الولاية بنشر تقويم أو كتاب سنوي (سالنامه) يشتمل على أهم الأخبار في الولاية، وأن تنشر كذلك جريدة في كل عاصمة. وبناء على هذا القرار أقيمت مطبعة في القصر الحالي للإمام المعروف باسم (مقام الإمام) وطبعت فيها جريدة (صنعاء). ونسخ هذه الجريدة نادرة الوجود جداً في الوقت الحاضر، ومن المرجح أن هذه الجريدة لم تكن منتشرة، حتى في ذلك العهد، إلا في المدن الكبرى، إذ أن سلطة الأتراك خارج تلك المدن كانت واهية جداً. ويظهر أن عدداً من