الرسائل طبع كذلك في تلك المطبعة، ومن المرجح أن معظمه كان متصلا بالشئون الحربية والإدارية، ولكن واحدة من هذه الرسائل قد وقعت في يدي وهي تبحث في الفرائض الدينية. والكتاب الأتراك عن اليمن هم الذين يمكنهم أن يكشفوا عن نشأة هذه المطبعة، وعلى الخصوص حامد وهبي الذي نشر كتابه السنوي عن اليمن (سالنامه سي) في سنة ١٢٨٩هـ.، وكذلك غيره من المؤلفين الذين كانوا على الأرجح موظفين في الحكومة وكان لهم اهتمام بالبلاد دعاهم إلى كتابه تاريخها. ولقد كان الأتراك طبعا حكاماً لجزء من اليمن في حقبة قصيرة في خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر. ومما يذكر على سبيل التنذر أنه ما زال باقياً حتى اليوم في القسطنطينية صور للفتح التركي لليمن من صنع فنانين أتراك من أهل ذلك العهد.
وفي أثناء العهد المضطرب الذي تلا الحرب العظمى الأولى لم يكن في اليمن على ما يظهر نشاط أدبي كبير، غير انه في سنة ١٣٤٥هـ. و (١٩٢٦م.) ظهرت الأعداد الأولى للجريدة اليمنية الجديدة في صنعاء، مطبوعة في المطبعة التركية القديمة ومسماة باسم (الإيمان). وتشمل هذه الجريدة الرسمية على نصوص المعاهدات المعقودة مع الدول الأجنبية. وعلى المراسيم، والأحكام القضائية، والقصائد المنظومة في مدح الإمام وأمراء البيت المالك، كما تحتوي على مقالات أدبية ودينية. وبفعل هذه الجريدة يمكن تتبع الموقف السياسي الداخلي للبلاد، إلى درجة ما، كما يمكن الوقوف على الجهود الحميدة التي تبذلها الحكومة المركزية في النهضة بالتعليم، وتربية روح وطنية عامة - لا روح قبلية محلية - في جميع أنحاء البلاد. وعلى أنه من غير الممكن أن نقدر مبلغ ما لهذه الجريدة من الانتشار في داخل بلاد اليمن، يمكننا أن نسلم بأنها تصل إلى جميع دور الحكومة في كل قضاء، وبأنها تتداول بأيدي قراء يزيدون في عددهم زيادة كبرى على ما كان للجريدة التي كانت تصدر في العهد التركي، وتؤدي ذلك خدمة أهم من تلك التي كانت تؤديها تلك الجريدة. ومن المميزات الشائقة في جريدة (الإيمان) ما تنشره لمراسليها في سورية وغيرها من البلاد العربية الأخرى.
أما أهل عدن فأنهم يستوردون منذ عهد طويل الصحف المصرية التي يكاد يكون الحصول عليها في عدن في مثل سهولة الحصول عليها في القاهرة، ولا يقتصر قراؤها هنا على