المخلوقات التي يبتكرها الحركة والحياة بأن يمثل التحول من وضع إلى آخر، ويظهر يتصل الأول بالثاني ويمحي فيه بشكل غير محسوس. . . ويجب أن نرى في عمله بعضاً مما وقع أو مما كان، ونستبين طرفاً مما سيكون. ولأضرب مثلا يوضح لك الأمر أكثر من ذلك:
(لقد ذكرت منذ هنيهة تمثال المارشال ناي الذي صنعه رود فهل نستوعبه بوضوح؟) فأجبته:
(نعم) إن البطل يشهر سيفه ويصيح في جنوده بأعلى صوته: إلى الأمام).
(تمام! حسن! عندما تمر بهذا التمثال مرة أخرى تأمله بدقة أوفى فتلاحظ إذ ذاك أن رجلي التمثال واليد اليسرى التي تقبض على عمد الحسام ثبتت على الحالة التي كانت عليها عندما استُل السيف من قرابة. أما الرجل اليسرى فقد انسحب قليلاً إلى الوراء لكي يسهل إمساك السيف باليد اليمنى التي استلته منذ هنيهة. وأما اليد اليسرى فثابتة في الهواء ممسكة بالغمد كأنها ما زالت تقدم الغمد.
ولندرس الجسم الآن؛ كان يجب أن يكون مائلاً قليلاً إلى اليسار في اللحظة التي أتى فيها بالحركة التي وصفت آنفاً. ولكنه هنا منتصب، والصدر بارز إلى الأمام، والرأس يدور نحو الجنود وقد دوى منه الأمر بالهجوم. وأخيراً ترى الذراع اليمنى مرتفعة وقد شرعت الحسام. فها أنت ترى في كل ذلك إثباتاً لما قلته لك آنفا. ً فما الحركة في هذا التمثال إلا تغيير من وضع أولى - هو الذي كان عليه المارشال عندما استل سيفه - إلى وضع ثانوي هو عندما رفع ذراعه وشرع في الاندفاع صوب العدو. . . وفي هذا كل السر في الحركة كما يفسرها الفن. فعلى المثال إذا أن يلزم المشاهد بتتبع تطورات حركة ما في فرد معين. ونرى في المثل الذي استشهدنا به أن العينين تلتزمان التنقل من الأطراف السفلى إلى العليا حتى الذراع المرفوعة، فتريان أثناء ذلك التنقل أجزاء الجسم ممثلة في فترات متتابعة رتتوهمان بأن الحركة تمت).
وقد اتفق وجود صبيبتين لتمثالي (العصر الحديدي)(ويوحنا المعمدان) في البهو الكبير حيث كنا، فسألني رودان أن أنظر إليهما ففعلت، وأدركت صدق قوله للتو واللحظة. لاحظت في التمثال الأول أن الحركة تصاعدية كما في تمثال ناي. فالشباب غير كامل