ودعاياتهم في إثارة الرأي العام العالمي ضد ألمانيا واستمالته نحو فرنسا. في حين أن القسم الأعظم من هؤلاء اللاجئين كانوا من الطفيليين الموتورين الذين لا يرتبطون بأي وطن من الأوطان العتيدة ارتباطاً قلبياً، ولذلك أخذوا يصورون ألمانيا على حقيقتها؛ صوروا النظام الجديد الذي قام في ألمانيا بصورة مجموعة من التعسف البربري تقوم بها جماعة من الطغاة فيكرهها جميع الناس. قالوا إن كل الناس ينفرون من النازية نفوراً شديداً ويستعدون للثورة عليها استعداداً كبيراً. كلنا سمعنا انعكاسات هذه الأقوال والمدعيات. ألمانيا على أبواب ثورة داخلية ستندلع نيرانها قريباً فتجرف الهتلرية جرفاً عنيفاً. . . كل شيء رديء هناك، حتى المعادن التي تصنع منها الأسلحة، حتى الأسمنت الذي يستعمل في بناء الحصون لم يكن من الأنواع الجيدة. . .
لقد فتح الفرنسيون أبواب بلادهم لمئات الألوف من هؤلاء الموتورين على مصراعيها، كما فتحوا آذانهم لسماع دعاويهم ودعاياتهم، وصاروا يصدقون كل ما يقولونه، ولا سيما أن ما يقوله هؤلاء كان موافقاً لما يتمناه الفرنسون كل التمني. . .
وأنا أميل إلى الاعتقاد بأن ذلك من أهم الأسباب التي أدت إلى انخداع فرنسا في تقدير قوة عدوتها، وأدت بها إلى الانكسار الفظيع. . .
فقد أفاضت الجرائد كثيراً في ذكر أعمال الذين سموا باسم (الطابور الخامس) وبحثت كثيراً عن الدور الذي لعبته الجمعيات التي كانت تقوم بدعايات متسترة - على حساب ألمانيا - ويهيئون بذلك الجو النفسي الملائم لعمل الجيوش الجرارة
غير أنني أقول: إن عمل أرتال اللاجئين في فرنسا لم يكن أقل تأثيراً من عمل الطوابير الخامسة في النتيجة النهائية. فإن أرتال اللاجئين الموتورين أضروا فرنسا من حيث كانوا يريدون خدمتها؛ وخدموا ألمانيا من حيث كانوا يعتقدون إضرارها. . لأن دعاياتهم خدعت الفرنسيين خدعة قوية في قوة ألمانيا، وجرتهم إلى الحرب والاصطدام مع قوى تفوق قواهم تفوقاً عظيماً. . . وأدت بذلك إلى انخذالهم ذلك الإنخذال المريع.
والآن، بعد أن حدث ما حدث فظهرت الحقائق للعيان، تبين بصورة لا تترك مجالاً للشك أن الجيش الألماني الذي هاجم الجيش الفرنسي، كان يفوقه تفوقاً عظيماً من جميع الوجوه المادية والمعنوية كان يفوقه تفوقاً بارزاً من حيث العدد والتجهيزات والانضباط والقيادة. .