في الويلات والنكبات التي جرتها على فرنسا نفسها. . .
فقد نشر أحد الكتاب المشهورين، في إحدى المجلات المصرية الشهيرة، سلسلة مقالات حول فرنسا، بعد انهيارها، أبدى فيها من الآراء ما يستوقف النظر ويتطلب النقاش. . .
فقد وصف الكاتب المحترم، في مقالاته هذه (الحالة النفسية التي كانت وصلت إليها فرنسا قبل الحرب الحالية بكلمات صريحة) فكتب - في جملة ما كتبه في الأقسام المختلفة من مقالاته المذكورة - الكلمات التالية:
(كانت شهوة السياسة الحزبية في فرنسا أقوى من الفكرة الوطنية)
(امتلأ الفرنسي بنفسه، واصبح الفرد كل شيء، يؤثر نفسه بكل شيء، يؤثرها بأعظم حظ ممكن من اللذة، ويجبنها أعظم حظ ممكن من الألم. . .)
(استجاب الفرنسي لداعي العقل الفردي، أكثر مما استجاب لداعي العقل الاجتماعي).
(وقد رأى الفرنسي أن الحياة لم تمنح للناس ليذلوها في الجهود المضنية التي تنتهي إلى الفناء، إنما منحت للناس لتكون عليهم نعمة ليستمتعوا بلذاتها وليتجنبوا آلامها. . .)
(فرنسا آثرت نفسها بالعافية واللذة ونعيم الحياة. . .) أنا لا آخذ على نفسي مسؤولية هذه الكلمات القاطعة، ولا أشترك في إطلاقها وتعميمها على هذا المنوال. ومع هذا، أرى من الضروري أن ننعم النظر فيها قليلا. . .
إن هذه الصفات الأخلاقية، وهذه النزعات النفسية، هذه الفردية المفرطة التي لا تفكر في شيء غير نفسها. . . والتي تتجنب الجهود المضنية على اختلاف أنواعها، فتحاول أن تنال أعظم حظ ممكن من اللذة. . . والتي تؤثر نفسها على الدوام بالعافية واللذة ونعيم الحياة. . . كل من ينعم النظر في هذه الصفات، يضطر إلى التسليم معي بأنها تدل على شيء واحد، هو (التفسخ الأخلاقي) وتؤدي بطبيعة الحال إلى نتيجة واحدة، وهي (الانحلال الاجتماعي). . .
غير أن الكاتب المحترم، لا يقول بذلك، بل بالعكس يرى في كل هذه الصفات والحالات أثراً من آثار التحضر والتثقف، ونتيجة من نتائج الإمعان في الحضارة والثقافة. إنه يعلل كل واحدة منها بقوله:(إن الفرنسي قد تحضر وأمعن في الحضارة) و (ومضت فرنسا في الحضارة إلى أقصى غاياتها) ويكرر ذلك مرات عديدة، ويعتبر كل ذلك من نتائج