للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

إنسانية تشمل المواد والظواهر والانفعالات، وتهب لهذه الأشياء كلها عواطف آدمية وخلجات إنسانية تشارك بها الآدميين، وتأخذ منهم وتعطي، وتتبدى لهم في شتى الملابسات، وتجعلهم يحسون الحياة في كل شيء تقع عليه العين، أو يتلبس به الحس، فيأنسون بهذا الوجود أو يرهبونه في توفز وحساسية وإرهاف.

(هذا هو الصبح يتنفس. (والصبح إذا تنفس) فيخيل إليك هذه الحياة الوديعة الهادئة التي تنفرج عنها ثناياه، وهو يتنفس فتتنفس معه الحياة، ويدب النشاط في الأحياء، على وجه الأرض والسماء.

(وهذا هو الليل يسرع في طلب النهار فلا يستطيع له دركا: (يُغشى الليل النهارَ يطلبه حثيثاً) ويدور الخيال مع هذه الدورة الدائبة التي لا نهاية لها ولا ابتداء.

(أو هذا الليل يسري: (والليل إذا يَسْرِ) فتحس سريانه في هذا الكون العريض، وتأنس بهذا الساري على هينة واتئاد.

(وهاتان هما الأرض والسماء عاقلتين يوجه إليهما الخطاب فتسرعان بالجواب: (ثم استوى إلى المساء وهو دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرهاً. قالتا أتينا طائعين) والخيال شاخص إلى الأرض والسماء، تدعيان وتجيبان الدعاء.

(وهذه هي الأرض (هامدة) مرة و (خاشعة) مرة ينزل عليها الماء فتهتز وتحيا: (وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج. ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة، فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت. . .)

(ومن (التجسيم) وصف المعنوي بمحسوس كوصف العذاب بأنه غليظ: (ومن ورائهم عذاب غليظ) واليوم بأنه ثقيل: (ويدعون وراءهم يوم ثقيلا) والرياح بأنها لواقح تشبيها لها بالحيوان لما تحمل من مطر (وأرسلنا الرياح لواقح).

(وضرب الأمثلة على المعنوي بمحسوس كقوله: (ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه) لبيان أن القلب الإنساني لا يتسع لاتجاهين. ومثل (ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها - من بعد قوة - أنكاثا) لبيان العبث في نقص العهد بعد المعاهدة. . .)

وجاء في ص ٧٤ وما بعدها في فصل (التناسق الفني).

(هناك المواضع التي يتنافس فيها التعبير مع الحالة المراد تصويرها فيساعد على إكمال

<<  <  ج:
ص:  >  >>