التعاون ملحوظ الخطوات في السياسة الدولية من الزمن القديم إلى الزمن الحديث، وهو كذلك ملحوظ الخطوات في المعاملات التي تشيع بين أبناء الوطن الواحد، وسيكون له الشأن الأكبر في علاج مشكلات الاجتماع والاقتصاد على توالي السنين
وبهذا المقياس - بعد مقياس الحرية الفردية - تعتبر الشيوعية من المذاهب الرجعية التي ترجع بنا إلى سيادة الطبقة الواحدة وإن كانت تزعم أنها طبقة وحيدة وأنها هي طبقة الصناع والأجراء. فسيادة الطبقة الواحدة أقدم الصور الاجتماعية التي عرفها الناس، والشيوعية لا تغير في الأمر غير عنوان الطبقة. . . إن صح ما تدعيه.
واسخف السخف قول ذلك الكاتب الببغاوي إن الشيوعيين (يفضلون اللغة العامية لنهم شعبيون مستقبليون).
ومصيبة الدنيا أن تحشو هذه الببغاوات أفواهها بما تسميه تفسير الظواهر الاجتماعية وهي لا تفسر تحت آفاتها ما تسمعه بالآذان وتبصر بالعيون
فاللغة العامية لغة الجهل والجهلاء وليست بلغة الشعبين ولا من يحبون الخير للشعوب.
لأن الغني الجاهل يتكلم اللغة العامية ولا يقرأ اللغة الفصحى ولا يمتاز بفهمها على الفقراء.
ولأن الفقير المتعلم يفهم الفصحى ويكتبها، كما يفهمها سائر المتعلمين من العلية أو السواد.
فأعداء الشعب حقاً هم أولئك الذين يفرضون عليه الجهل ضربة لازب ولا يحسبونه في يوم من الأيام صاعداً من حضيض الجهل إلى طبقة المعرفة والثقافة.
وأصدقاء الشعب حقاً هم الذين يفتحون له أبواب المزايا العالية ويسوون بينه وبين القادرين على التعلم والمتكلمين بلغة المتعلمين.
والمسألة هنا - أيتها الببغاوات التي تفسر الظواهر الاجتماعية - ليست مسألة شعبيين وطبقات وأجور رؤوس أموال كما يهذي كارل ماركمس وأتباعه المفتونون.
وإنما هي مسألة الفارق السرمدي بين المعيشة اليومية وبين الحياة الإنسانية الباقية على اختلاف الأمم وتعاقب العصور.
فكل ما هو من باب القيم الإنسانية الباقية فلا مناص له من تعبير غير تعبير السوق والبيت وكلمات التسلية والاستلقاء، ولو أجبرنا الناس جميعاً في هذه الساعة على الكلام بالعامية دون غيرها لما استطاعوا أن يتجنبوا اللغة الخاصة.