الإسلامية الكبرى. ولكنا نحن العرب لسنا أمة فيها طفولة تحب الإعلان والطنطنة الجوفاء. . .
وللشباب معاذير من قصور البرامج الدراسية للتاريخ الإسلامي قصوراً معيباً. ووزر ذلك على الذين مسخوه ولم يكلوا دراسته للمؤمنين به الواقفين على أسراره، ومعاذيره من الدعاية العريضة التي تنفق عليها فرنسا (العلمانية) والكاثوليكية وتحشد لها الذين أفئدتهم هواء وأعينهم وشهواتهم ثقيلة، فانطلقوا يحرقون البخور ويفرشون الأزهار ويعطرون الأجواء لفرنسا والثقافة اللاتينية، ويقيمون من فرنسا تمثالاً أمام أعين الشباب للحرية والقوة والعلم والجمال حتى جهل الشباب الإسلامي والعربي أنهم أعرق في الحرية والمساواة وأعرف بهما، ولكن أممهم لا تحسن الإعلان.
ولقد مهد هؤلاء الدعاة للثقافة الفرنسية في نفوس المصريين، وطبعوا النفس المصرية بالطابع الفرنسي في المدرسة والبيت والذوق العام. . . وكان من الأنسب لنا إذا كان لابد من شيوع روح أجنبية فينا أن تشيع فينا الروح العالمية التي في أمريكا أو الروح بنوعيها: الإنكليزية والجرمانية، فأنها روح قائمة على الخلق والعلم والعمل وفن الحياة بالجسم والروح. ولكننا على الرغم من وجود الحكم الإنجليزي السياسي بيننا نيفاً وستين سنة لم ننتفع بأساليب الحياة الإنجليزية ولم تتأثر بها كما تأثرنا بالروح الفرنسية، ولو كنا تأثرنا بتلك التربية لكان لرجالنا من السياسة الإنجليزية موقف آخر عملي غير موقفهم الهستيري الكلامي الحزبي الفردي الطليق من أكثر القيود الوطنية المقدسة. والذي يماثل موقف رجال فرنسا في ديارها أشبه من الغراب بالغراب!
ولو كانت الثقافة الفرنسية مرضياً عنها عند الاجتماعيين والمفكرين الفرنسيين أنفسهم لكان لنا وجه من العذر في اقتفائها ولكن هؤلاء الاجتماعيين كثيرو الانتقاد والسخط عليها دائمو الإهابة بأمتهم للأخذ بثقافة أمم الشمال لأنها ثقافة عملية منتجة معتدلة خاضعة لأصول الأخلاق، وهي التي غيرت وجه الأرض وسيطرت على العالم.
قد يعذر الأوربي إذا وجد في الثورة الفرنسية بعض دواعي الإعجاب بجهاد قادتها ومؤرثي نارها في سبيل تحرير الفرنسيين من استبداد الملوك وجمود الكنيسة وطغيان أمراء الإقطاع، لأنه قد يجد فيها أمراً جديداً عظيماً غيّر الحياة الأوربية فيما مضى. . ولكن لا