مسترشدة بأعلام العرب وصواهم وإشعاعهم ومع ذلك لم تتخذ حروفهم، ووثبنا نحن منذ عصر إسماعيل وثبات بدون حاجة إلى حروف اللاتين لتحفزنا إلى الوثوب، أو تجذبنا نحو الهدف المنصوب. وها هي ذي اليابان أتت بالأعاجيب في نهضتها على حداثة نشأتها ولم تتسلف من أمة أرقى منها حروف كتابتها.
ولو أن الحروف تصنع العقلية لتساوت عقلية الأمم التي تكتب بالحروف اللاتينية، فليس المعول إذن على الحروف ولكن على الروح الذي يستعمل الحروف.
ولم تنهض تركيا لأنها استبدلت بحروفها العربية حروفاً لاتينية، فقد حدث هذا الاستبدال بعد النهوض والاستقرار، على أنها أبدلت مستعاراً بمستعار.
- ٣ -
(وليس على التلميذ من حرج أن يقرأ فيرفع المفعول وينصب الفاعل ما دام يفهم ما يقرأ، أما في المدارس الثانوية فنشرع في تعليم أقل ما يستطاع من قواعد النحو، ولا نبالي الإعراب الذي أثبت الاختبار أنه لا فائدة منه بتاتاً، والوقف في أواخر الكلمات أي إسكانها هو الخطة السديدة التي يجب أن تتبع)
(وقد قال هربرت سبنسر إنه لم يتعلم النحو قط، وإنه درس وألف في هذه اللغة دون أن يحتاج إلى دراسة النحو، ولا يمكن عربياً أن يقول مثل هذا القول عن لغته) ص ١٢٣.
(واقترح عبد العزيز فهمي باشا يحتاج أولا إلى العمل بإلغاء الإعراب) ص ١٣٨
وهذا تجديد آخر، أي هدم آخر لهذه اللغة التي قاومت الأعاصير أكثر من ألف عام، وهي كالصخرة يرتطم بها الموج فينحسر، وتنهال عليها معاول الهدم فتفل وتنكسر.
التجديد المخلص للغة العربية أن يلغي الإعراب منها فيرفع المفعول وينصب الفاعل ما دام القارئ يفهم ما يقول! ثم تبلبل الأستاذ فقال إن إسكان أواخر الكلمات هو الخطة السديدة التي يحب أن تتبع، والإسكان شئ والفوضى في الشكل شئ آخر.
ونحن نسأل الأستاذ: كيف يفهم القارئ ما قرأ وقد نصب الفاعل ورفع المفعول؟ وروح اللغة التي يقرؤها لا تطاوعه على هذا الفهم، وذوق القارئ نفسه ما دام قد فهم معنى ما قرأ لا يطاوعه على هذا الخلط، بدليل أن العرب - قبل أن تستنبط القواعد من لغتهم - كانوا يرفعون الفاعل وينصبون المفعول بالسليقة، لأن هذه الحركات في أواخر الكلمات ذات