متكشف للباحثين جميعاً كأنه شيء على بساط أمام الناظرين، والتركيب إذن تشبيه بليغ من إضافة المشبه به إلى المشبه
٢ - (خاض غمار القتال): والغمار من معانيها الشدة، والمزدحم، وشدة الظلام، والخوض في الأصل للماء، فالصورة الخيالية هنا أن الميدان غاص بالمحاربين، وعددهم كالبحر الزاخر، وهذا المحارب شجاع، لأنه خاض هذا الميدان المهيب الرهيب، وهذا معنى لا يؤديه كلمة (قاتل)، لأن المقاتلة تكون بين اثنين وأكثر، وتكون بحماسة وشجاعة كما تكون بجبن وفزع
٣ - (حمى وطيس الحرب): وهي جملة ابتكرها النبي عليه الصلاة والسلام يوم حنين لما تجالد القوم
والوطيس في اللغة التنور، وحفيرة تحفر فتوقد فيها النار للاشتواء، والمراد حمست الحرب، وعظم الخطب، فهنا استعارة رائعة مبنية على تشبيه الحرب بالنار، لحرارة الضرب بالسيوف أو المدافع أو القنابل، وللحرارة التي يوقدها في جسوم المحاربين ما عليهم من سلاح، وما يقومون به من حركة، ثم لأن الحرب تأكل الرجال، وتفني الأبطال كما تأكل النار الحطب
ولذلك قالت العرب:(أوقدت نار الحرب)؛ وقال تعالى:(كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله).
وقال زهير:
متى تبعثوها تبعثوها ذميمة ... وتضرُ إذا ضربتموها فتضرم
٤ - (وضعت الحرب أوزارها): والأوزار عدد الحرب وآلاتها، قال الأعشى:
وأعددت للحرب أوزارها ... رماحاً طوالا وخيلا ذكورا
فهذه كناية عن انتهاء الحرب، لكنها أبلغ من الحقيقية، لأنها أفادت الحقيقية، وأفادت معها دليلا محسوساً على صدقها، ثم أفادت أن الحرب كانت طاحنة، ثم في إسناد الوضع إلى الحرب مجاز عقلي أو استعارة أو حذف، وكل منها جميل، فليراجع الأستاذ ذلك كله في كتب البلاغة إن أراد التفصيل
ولماذا لم يستغن الأستاذ عن المجاز ما دامت الحقيقة قديرة على أداء المعنى؟