توليته كالشجا في حلوق أهله لأسباب منها انهم يرون فيهم من هم اكبر سناً، واكثر علماً، وأحق بالرئاسة عليهم منه. ومنها انه جاء مؤيداً لإدخال بعض العلوم المسماة عندهم بالجديدة كالحساب والهندسة والجبر وتقويم البلدان وما هي إلا علوم قديمه اشتغل بها المسلمون وألفوا فيها، وكانت تدرس بالأزهر قبل انحطاطه، ونما نفروا منها لطول عهدهم بها وحسبانها من علوم الإفرنج، وأنها ما أدخلت فيه إلا للقضاء على العلوم الشرعية أو تقليل الرغبة فيها. ومنها انه تولى بعد الشيخ الانبابي المشهود له بالعلم والفضل والتقوى بن الخاصة والعامة بل لأنه كان سبباً من باطن الأمر على إرغامه على الاستقالة. ومنها اشتهاره بشيء من الشدة والجفاء في مخاطبة الناس ومعاملتهم مع ما داخله بعد تولي من الزهو والخيلاء، وما كان يشيعه أعداؤه عنه من ممالأته للإنكليز على هدم أركان الدين بإدخال العلوم الجديدة بالأزهر حتى كثرة القالة فيه، ويعلم الله انه بريء مما يأفكون.
وحدثت في مدته حادثة الوباء التي امتنع فيها المجاورون بإغراء بعض متهوريهم من الخضوع لأوامر الحكومة، واعتصموا بالأزهر، وقاوموا رجال الشرطة ورموهم بالأحجار حتى أصيب محمد ماهر باشا محافظ القاهرة بحجر أدمى وجهه، فأحيط بهم ورموا بالرصاص، فجرح منهم من جرح، ثم قبض عليهم وحكم على البعض بالسجن وعلى البعض بالنفي، واغلق رواق الشوام لان اصل الحركة كانت منهم، وهال الناس وقوع هذه الحادثة وانتصروا للمجاورين، ووجدوا منها باباً للكلام في الشيخ ورميه بالضعف والتهاون في الدفاع عن حرمة المسجد والمحاماة عن أهله.
ثم لما توفي الشيخ محمد المهدي العباسي مفتي القطر سنة ١٣١٥ أضيف منصب الإفتاء للمترجم فجمع له بينه وبين رئاسة الأزهر كما كان يجمع بينهما للشيخ العباسي احياناً، واستمر المترجم جامعاً للمنصبين واكثر القلوب منصرفة عنه حتى وقع الخلاف الكبير بين جمال الدين أفندي قاضي قضاة مصر وبين الحكومة أواخر سنة ١٣١٦ بشأن إصلاح المحاكم الشرعية واقتراح انتداب قاضيين من مستشاري محكمة الاستئناف الأهلية ليشاركا قضاة المحكمة الشرعية العليا في الحكم، فلما عرض الاقتراح في مجلس شورى القوانين أبى قاضي القضاة قبوله، وقام المترجم بنصرته وشد أزره، وأراد رئيس النظار مصطفى فهمي باشا مناقشته فبدرت منه كلمات عدها الوزير مهينة له، ولم يقتصر على ذلك بل