للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الذي يتأثر بالخطابيات والشعر والموسيقى وغير أولئك من ألوان الفن التي لا تعتمد على الحقائق الثابتة، (ونقط الارتكاز الواضحة في عالم البداهة و (الحكم العقلي). والتأثر بهذا المنطق تأثر وقتي لا يترك رواسب في الذهن، ومقاييس تملأ اليد، يستطيع الفكر أن يتحاكم إليها، ولأنها ألوان وظلال ونغمات وأعراض عير ملازمة تنفعل لها النفس انفعال الانقباض أو الانبساط وقتا، ثم يزول تسلطها عليها.

(وليست هذه الأعراض هي طريق إقرار (العقائد) ودعائم الفكر والحياة عند الراصدين المتيقظين الواعين. وخصوصاً الدعامة الأولى، والقضية الكبرى، قضية (التوحيد) التي هي قضية الكون كله وأعظم شئونه! إن الوجدانيات من الخطابيات والشعر والموسيقى وسائل إقناع وقتي للبسطاء، وليست وسائل يقين ثابت للذين يبحثون لعقولهم عن عواصم تستند إليها من طوفان الأهواء والنوازع والوجدانات المتقلبة. . وما كان للقرآن وهو يتصدى لإثبات القضية الكبرى أن يعتمد على (المنطق) الوجداني. وإني أرى الذهن في إثبات العقائد وخصوصاً (التوحيد)، هو أوسع المنافذ وأصدقها وأدقها)

٢ - (قلنا أن مسألة المسائل التي دار عليها أكثر جدل القرآن هي عقيدة التوحيد. وأنسب الآيات التي تناولت هذا الموضوع هي آيات سورة الأنبياء، وقد ساقها المؤلف كدليل على ما ذهب إليه، فلنقرأها معاً (وذكر نص الآيات المذكورة هنا في هذا المقال) ثم قال:

(فهل ترى هذه الآيات تركت حجة (ذهنية) يمكن إيرادها للكر على مزاعم القوم ثم لم تفعل؟ (أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون) فالإله هو وحده الذي يخلق ويحي وينشر الخلائق من الأرض، فهذا مقطع من مقاطع الاستدلال بكلمة واحدة يدور بها الذهن في استعراض سريع للأرض وكائناتها للبحث عن حي مخلوق واحد لغير الله فلا يجد. وأنه للدليل الاستقرائي بعينه! ذلك الذي بنى عليه (بيكون) الفلسفة الاستقرائية الحديثة. وأنه للدليل المفضل عند المربين وعلماء النفس)

(لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا)، وهذا مقطع آخر من مقاطع الاستدلال في كلمة واحدة أيضاً. . . وأنه للدليل التطبيقي بعينه! أحد ضروب الأدلة الكبرى، يطبق فيه العقل في ظروفه المتسعة، ما يدركه من لوازم تعدد الرياسات وفساد الأمور إذا تولتها أيد متعددة سيكون بينها بالطبع ما يكون بين المتعددين، ولا يمنع خلافهم وتحاسدهم أنهم آلهة في

<<  <  ج:
ص:  >  >>