للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

طباع مختلفة عن الآدميين. فإن التصور البشري لا يستطيع أن يجرد الآلهة من صفات الناس لأنه لا يملك غير منطقة فهو معذور!)

(فسبحان الله رب العرش عما يصفون)! ذلك موقف وجداني فيه انفعال وتقزز من تلك الدعوى، وتنزيه لله عما وراءها من أزمات ومحرجات. وهو موقف معترض للإسراع بالتنزيه تعود الآيات بعده إلى الاستدلال: (لا يسال عما يفعل وهم يسألون) وهذا مقطع آخر فيه ضرب عظيم من ضروب الاستدلال هو الدليل العملي الواقعي، وهو كذلك أحد ضروب الأدلة الكبرى، وله في الفلسفة العصرية المقام الأول، إذ به تسير الحياة العملية، وهو محور الاجتماع. . .

(فما دام الواقع أن جميع الآلهة المزعومة مَلَكَ الناسُ أن يواجهوها بالمسؤولية والمحاكمة، فلا يصح أن تكون آلهة ما دامت تقع عليها الدينونة. . . ولكن الذي خلق السماوات والأرض، لا يملك عابد له أن يرفع عينه إليه بمسؤولية، بل ليس له إلا التسليم والإذعان ما دام عاجزاً عن الهرب من أقطار السماوات والأرض)

(أم اتخذوا من دونه آلهة. . . قل هاتوا برهانكم!). . . (هذا ذكر من معي وذكر من قبلي) وهذا مقطع عظيم أيضاً من مقاطع الاستدلال هو ما يسمونه (الدليل التاريخي) إذ أن التاريخ لم يثبت حياة رسول جاء قومه بغير الوحدانية. . . إذا فقد سد القرآن مجالات القول والاستدلال أمام المشركين حتى اثبت أنهم لا يستندون في دعواهم إلى أي حق، وإنما إلى التكبر والجهل والإعراض. وكان هذا الختام (بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون) نتيجة منطقية ذهنية واضحة لمقدمات واضحة أخذت بضروب الأدلة جميعاً ولم تترك مفراً لجدل مجادل)

١ - وبعد: فلا بد أن يكون القارئ قد لاحظ اختلافاً في تعريف (المنطق الوجداني) حسبما بسطته وعنيته، والتعريف الذي يضعه له الأستاذ عبد المنعم ليبني عليه اعتراضاته. ولاشك أنني غير ملزم بتعريف الأستاذ، فأنا لم اترك الاصطلاح الذي وضعته بلا شرح معيِّن، وعلى هذا الأساس يجب ن تدور المناقشة.

فهو يعرفه بأنه (الذي يتأثر بالخطابيات والشعر والموسيقى وغير أولئك من ألوان الفن التي لا تعتمد على الحقائق الثابتة ونقط الارتكاز الواضحة في عالم البداهة والحكم العقلي).

<<  <  ج:
ص:  >  >>