قلت:(أما والعيون النجل تصمي نبالها)(ولمع الثنايا كالبروق تخالها)(ومنعطف الوادي تأرج نشره)(لقد كان في الهجران ما يزع الهوى). فالواو واو القسم.
ج١٦ ص١٢٦: أبو القاسم (محمود بن عزيز العارضي) الخوارزمي الملقب شمس المشرق كان من أفضل الناس في عصره في علم اللغة والأدب لكنه تخطى إلى علم الفلسفة فصار مفتوناً بها ممقوتاً بين المسلمين. وكان سكوناً سكوتاً وقوراً يطالع الفقه ويناظر في مسائل الخلاف أحياناً. وكان الزمخشري يدعوه الجاحظ الثاني لكثرة حفظه وفصاحة لفظه. أقام مدة بخوارزم في خدمة خوارزم شاه مكرماً، ثم ارتحل إلى مرو فذبح بها نفسه بيده في أوائل سنة إحدى وعشرين وخمسمائة، ووجد بخطه رقعة فيها:
(هذا ما عملته أيدينا فلا يؤاخذ به غيرنا).
قلت: وكان ساكناً سكوتًا وقوراً، في الأساس: فلان ساكن وهادئ ووديع. و (سكون) لم أجدها في مكان. وليس هناك إلا (السكون) حي من العرب كما قال التاج.
ذكرتني قصة (شمس المشرق) بهذين الخبرين.
جاء في (المقابسات) لأبي حيان التوحيدي:
شاهدنا في هذه الأيام شيخاً من أهل العلم ساءت حاله، وضاق رزقه. . . فلما توالى عليه هذا دخل يوماً منزله، ومد حبلا إلى سقف البيت واختنق به، وكانت نفسه في ذلك. فلما عرفنا حاله جزعنا وتوجعنا وتناقلنا حديثه. . . فقال بعض الحاضرين: لله دره! لقد عمل الرجال. نعم ما أتاه واختاره. هذا يدل على عزازة النفس وكبر الهمة. لقد خلص نفسه من شقاء كان طال به. . . مع فاقة شديدة. . . ووجه كلما أمه أعرض عنه، وباب كلما قصده أغلق دونه، وصديق إذا سأله اعتل عليه. فقيل لهذا العاذر. أن كان قد تخلص من هذا الذي وصفت على إنه لم يوقع نفسه في شقاء آخر أعظم مما كان فيه وأهول. . . فلعمري نعم ما عمل! لله أبوه! ما أحسن ما اهتدي إليه، وقوى عليه. وينبغي لكل عاقل أن يدفع إلى ما دفع إليه. . . وان كان قد سمع بلسان الشريعة. . . النهى عن هذا وأشباهه فقد أتى بما عجل الله به العقوبة والعار. . . سبحان الله أما كان يسمع من كل عاقل. . . ومن كل من يرجع إلى مسكة. . . النهي عن مثله والزجر عن ركوب ما هو دونه بكثير. فكيف لم يتهم نفسه، ولم يتعقب رأيه، ولم يشاور نصيحاً له. . . لأنه أمر متى ركب بالظن والتوهم اللذين لم