التي جاء بنذرها منطق الحوادث الدولية، ثم دخلت روسيا تلك الحرب إلى جانب الحلفاء لقمع الجرمان
وقد ورد في مذكرات السير بكنان سفير إنجلترا في روسيا يومئذ أن الملك جورج الخامس قال في ١٢ نوفمبر عام ١٩١٤ للكونت بركندورف السفير الروسي:(يجب أن تكون استنبول لكم) وإنه على وفاق مع وزرائه في ذلك
وهذه كلمة توافق حلم الروس الدائم، وتشجعهم وتقوي ثقتهم بحلفائهم، وكان الإنجليز قد عزموا على اقتسام الإمبراطورية العثمانية والحصول منها على نصيب الأسد بسبب انضمامها إلى الألمان في الحرب ونفوذ هؤلاء فيها ونيتهم في بلاد الرافدين التي تغنيهم إن هم استعمروها وتدنيهم من الخليج الفارسي والهند، فوافق الإنجليز على تحقيق أمنية الروس، وشرطوا لذلك إنشاء دولة عربية إسلامية كبيرة، أو جامعة دول عربية إسلامية يقيمونها في الشرق الأدنى صيانة بمعاونتهم للطرق إلى الهند وسدا، في زعمهم، أمام الترك على حين يعترض الروس باستنبول في طريق زحف الألمان إلى الشرق العربي، بل سدا أمام الروس أنفسهم في حقيقة الأمر، لأن ذلك الاقتسام يحصر الترك في منطقة على البحر الأسود تحدق بها أنصبة المقتسمين
لكن حدث في فبراير عام ١٩١٥ أن تردد في لندن وباريس كلام في صلح منفصل مع تركيا، وقيل في الدوائر الميالة للجرمان في بتروجراد بشأن مشروع حملة الدردنيل أن الغرض منها إنما هو التفادي من وقوع المضايق في قبضة روسيا، فرابها ذلك كله، وزاد ارتيابها أن فنزيلوس عرض على إنجلترا وفرنسا استعداد اليونان للمعاونة في الحملة، فأخبر سزانوف وزير خارجية روسيا السير بكنان بأنها تعارض في قبول العون اليوناني، وابلغ الملك قسطنطين أن روسيا لا تسمح في أية حال بدخوله استنبول على رأس جيشه، وعرفت ألمانيا هذه الأمور فعرضت على روسيا صلحا منفصلا مقابل إعطائها استنبول والمضايق - كأن هذه المنطقة الحيوية ليست ملك الدولة العثمانية المحاربة في جانب الألمان.
أصبح الحلف الثلاثي حينئذ في خطر حقيقي حتى أن الأمير تروبسكي قال لسزانوف:
(يجب أن نملك المضايق، فإذا أمكن أن نحصل عليها مع إنجلترا وفرنسا ضد ألمانيا، فهذا