ثم الثورة الكمالية، لنفذت الاتفاقات التي تضمنت هذا الاقتسام. ولقد أسفت إنجلترا لتركها استنبول لروسيا ساعة الخطر، لكن حكومة الثورة الروسية أرضت إنجلترا إذ وعدتها بالعدول عن طلب استنبول
بعد الثورة الروسية أصبحت السلطة كلها في يد حزب واحد يتولاها لنفعه، وكانت من قبل بيد طبقة تباشرها في سبيل مصلحتها. أما الحرية، فلم تكسب شيئا ولم تخسر شيئا في روسيا بانتقالها من القيصرية إلى الشيوعية، وقد اتجهت سياسة التوسع لروسية إلى البحث عن الأربح للاتحاد السوفيتي من الأسواق في ذخار المواد الأولية وترويج مصنوعات بلاده
بحث الاتحاد عن هذه الأسواق في آسية وفي أوربة، فجره ذلك إلى إخفاء دعايته السياسية الشيوعية، وإلى الوقوف في العلاقات الدولية موقف دولة كالدول الأخر قادرة على تدبير شؤونها تدبيرا برجوازيا. ولقد أهمل الشيوعيون عددا من مثلهم العليا التي أحدثوا ثورتهم باسمها، ومن أعلى ما أهملوا المبدأ المسالم المضاد للنظم العسكرية والمبدأ المحبذ لاشتراكية دولية على حساب الوطنية. وروسيا اليوم أكثر اعتمادا في نظامها السياسي على الجيش. وحكامها الشيوعيون محتفظون بما كان للقياصرة من أقوى روح وطني في العالم
ومن أقوى أسباب التطور السوفيتي خيفة الحرب مع ألمانيا واليابان التي انتهزت فرصة ضعف روسيا العسكري بعد ثورتها وقبل استعدادها، فغزت مندشوريا شيئا فشيئا، وهذه داخلة كالوتد بين ثغر فلادفستوك وشرقي منطقة بابكال، ثم أعلنت اليابان استقلال مندشوكو وأرغمت موسكو على الاعتراف به، وهدد تقدم اليابان منغوليا التي يحميها السوفيت، حتى توترت العلاقات بين الدولتين عام ١٩٣٤، وبدا أن نشوب الحرب بينهما كرة ثانية وشيك، لكن الاتحاد سلم مرة أخرى وترك اليابان تعمل ما تشاء في مندشوريا، على إنه أنشأ جيشا خاصا للشرق الأقصى وقاعدة جوية قوية في فلادفتسوك بقي بهما ولايته البحرية القصية من طمع اليابان
عاد الاتحاد السوفيتي في ميدانه الأسيوي إلى العمل بالمأثور عند الروس، فشابه حكومة روسيا القيصرية المقدسة في أمانيها وطمعها بإيجاد جامعة أسيوية تتحد فيها الشعوب الصقلبية والشرقية لتصبح مجموعا عظيما أوربيا آسيويا أوراسيا
وقد قال لنين في مؤتمر الشعوب الصقلبية والشرقية الذي عقده في باكو عام ١٩٢٠: (إنكم