ولا يقولن ردا على هذا:(أحسب أن ليس هكذا تكون مقاييس الفنون!) كما قال إزاء الأمثلة التي ذكرته بها، لأننا لسنا أمام (كتاب فني) يقدر بمجموعه لا بأجزائه، بل أمام كتاب يتحدى بسورة واحدة منه (وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله، وادعوا شهداءكم من دون الله)
وليس بذي خطر في الموضوع أن يكون التصوير هو القاعدة العامة أو لا يكون، فانه إذا صح فلن يضير القرآن، وإذا لم يصح فلن يضير. ولكن الخطر الذي يضير، هو ذلك الربط بينه وبين سر الإعجاز، فواجب الأستاذ سيد كما أرى - وله رأيه - أن يراجع هذا الموضع، ويحذف كلمة (الإعجاز) من الجملة الأخيرة من صفحة ٣١، ويضع كلمة أخرى مناسبة
سيقول الأستاذ سيد في الرد على التعليل الأول لرفض الربط بين سر الإعجاز وبين التصوير ما قاله سابقاً (إن العبرة ليست باستخدام التصوير، ولكن بمستوى هذا التصوير من التناسق والحياة. . .)
وأرد عليه بما قاله الأستاذ الكبير العقاد في مناسبة شبيهة بهذه المناسبة، حينما كان ينقد كتاب المرحوم الرافعي (إعجاز القرآن) قال:
(وإنما الأساس فيها (المعجزة)، والحكمة الأولى أنها تخرق النواميس المعروفة وتشذ عن السنن المطرقة في حوادث الكون، وعلى هذا الوجه يجب أن يفهمها المؤمنون بها والمنكرون لها على السواء، فيخطئ المؤمن الذي يحاول أن يفسر المعجزة تفسيراً يطابق المعهود من سنن الطبيعة، لأنه بهذا التفسير يبطل حكمتها ويلحقها بالحوادث الشائعة التي لا دلالة لها في هذا المعنى، أو بأعمال الشعوذة والتمويه التي تظهر للناس على خلاف حقيقتها)
والأستاذ سيد يحاول أن يفسر سر الإعجاز في تعبير القرآن بهذا التصوير الفني فيطابق بهذا التفسير بين القرآن وبين المعهود من سنن الطبيعة في البلاغة البشرية العبقرية، يلحق القرآن بالآثار البلاغية الشائعة
وما أشبه ما حاوله في بيان الإيقاع الموسيقي في القرآن على إنه لون من ألوان التصوير الفني الذي يرتبط به إعجاز القرآن بما حاوله الرافعي في فصل (الكلمات وحروفها). وقد