واستيفاء الحالات السلبية التي تستعرض لإثبات قضية إيجابية.
فالرسول يقول للمشركين: ما كنت بدعا من الرسل حينما أدعوكم إلى الوحدانية، ولستم أنت معتمدين على كتاب منير أو إثارة من علم في دعواكم تعدد الآلهة. ولو كان في رسالات هؤلاء الرسل الذين يدين لهم العالم المتمدن حولكم ما يفيد تعدد الآلهة، إذا لكان لكم عذركم في اعتناق التعدد. فانتم لا تتبعون إلا الهوى والظن والجهالة. فسواء أكانوا مؤمنين بذكر من معه وذكر من قبله، أم لم يكونوا مؤمنين فإن الدليل التاريخي قد قام على أنهم لا يعتمدون في التعدد على شيء محترم لدى موازين الآراء والمعتقدات التي كانت في العالم المتحضر حولهم. ولا يطعن في صحة الدليل أن المعارض لا يؤمن به ما دام عدم أيمانه بغير دليل
وقد كان يصح الاعتراض السابق من الأستاذ سيد على هذا الدليل لو لم يسبقه الدليل الاستقرائي والدليل التطبيقي اللذان هما جماع القياس الذهني في إثبات صلب هذه القضية بالحكم والتمييز والإدراك. ولكنه أتى بعدهما وبعد الدليل العملي، فكان إيراده للاستيفاء الذي يسد مسالك الجدل على المعارضين.
ولست أدري ما الذي يستطيع أن يقوله الأستاذ في تفسير هذه الآيات غير ما قلت؟ أيقول:(أنها شيء يتصل بالفطرة على استقامتها فتؤمن بالوجه الواحد الصحيح منها إيمان اقتناع وتسليم بدون أسباب وتعليل؟.
أم يكون القرآن قد ساقها هكذا اعتباطا فاستشهد بالبعث على قضية التوحيد وهو لا يعلم أن البعث نفسه محتاج إلى إثبات قبل الاستشهاد به؟! ويكون قد قال (لفسدنا) هكذا مع أنه يعلم أن الآلهة عقلاء هادئون متعاونون لا يختلفون فيفسدوا العالم بخلافهم!؟ ويقول:(لا يسأل عما يفعل وهم يسألون) مع أنه يعلم أن مسؤولية الآلهة أمام عبادها هي مسؤولية نظرية من جانب واحد لا تحفل بها الآلهة وكثير من الناس يحاكم الله مثلها! فهو أيضاً مسؤول وأنه ذكرها للتقرير (وللتأثير الوجداني) فقط! فهي دعوى بغير دليل، وتقرير لا يقره الواقع! وهو يقول:(هذا ذكر من معي وذكر من قبلي) فيحاكم المعددين إلى ما لم يؤمنوا به فيكون في هذا مغالطة أو غفلة؟!
الحق أنني لست أدري: أيعترض الأستاذ سيد على أقوالي أنا التي ما عدوت بها شرح ما