للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وظل ثلاثة من أصدقائه يختلفون إليه على الدوام وهم: (سلستن مالويسل) وهو رجل معروق كساق شجرة التفاح. و (بروسبر هورسلافيل) وهو رجل دعوب ذو أنف محدب، خصه الله بخبث الثعلب ولسان لاذع متهكم، و (سيزار بومال) الذي لا ينبس ببنت شفة، ولكن يلذ له أن ينصت إلى توان. وكانوا يحضرون معهم لوحة خشبية يطرحونها على السرير ليمضوا الوقت في لعبة النرد. . . ابتداء من العصر حتى الساعة السادسة مساء. . . لم تكن زوجة توان تطيق أن ترى بعلها مبتهجا مستغرقا في اللعب. . . فكانت كثيرا ما تهبط عليهم فجأة فتقلب اللوحة، وتصيح إنها لا تطيق رؤية ذلك النفر من الخنازير لا يجدون شاغلا سوى الحضور إلى دارها للترفيه عن زوجها (خنزيرهم الأكبر) وكأنه الأمير لا يعفر قدميه في العمل الشاق الذي تقوم بإنجازه سحابة يومها. . . فيحني كل من: (سلستن مالويسل) و (سيزار بومان) هامته أمام العاصفة، أما (بروسبر هورسلافيل) فيأخذ في إثارتها، فكانت تصب عليه جام غضبها وحنقها. . .

قال لها (بروسبر) يوما وكانت في سورة سخطها: (رويدك يا سيدتي أتدرين ما الذي أصنعه لو كنت مكانك؟) فتوقفت برهة عن السب واللعن، وصوبت إليه نظرة حادة - كنظرة البومة - فواصل حديثه قائلا: (إن حرارة هذا الطفل العجوز كأنها الأتون المستعر. هذا ما أراه يا سيدتي؟ انتفعي من هذه الحرارة بجعله (يفرخ البيض)!) ففغرت المرأة فاها من العجب وراحت تفكر، ثم عاودت النظر إلى بروسبر - ذلك الثعلب الماكر - فعاد يقول: (نضع تحت ذراعه خمس بيضات. . . وخمسا تحت ذراعه الأخرى - كما تضعين البيض تحت الدجاج - وعندما يفرخ، نأخذ الفراريج وندعها لدجاجة ترعاها كما لو كانت فراريجها. ومن ثم يمكنك أن تحشدي قفصك بالدجاج. أما هذا بصحيح؟!) فقالت المرأة وقد عراها الذهول: (أو تظن أنها ستفلح يا بروسبر؟!) فأجابها على الفور: (دون شك، فكما يفرخ الدجاج في قفصه يستطيع زوجك أن يفرخ في سريره. . .)

كان لإيحاء بروسبر أثره الفعال. . . فبعد أسبوع حملت زوجة توان عشر بيضات في فضل ردائها إلى زوجها القعيد. . . وقالت: (لقد أرقدت الدجاجة الصفراء على عشر بيضات، وها هي عشر بيضات أخرى لك، فحاذر أن تحطمها. . .) فقال توان بعد أن أفاق من وقع هذه الصدمة: (يا لله! ما هذا؟! أأصاب عقلك لوثة من الشيطان؟!) فأجابته زوجته:

<<  <  ج:
ص:  >  >>