(عليك بتفريخ هذه العشرة كما تفعل الدجاجة أيها البله) فراح يضحك، ولكن عندما أحس لهجة الإصرار في صوتها لم يلبث أن ثار غضبه لامتهان عزته وأخذ يلعنها، ويعارضها في أن تتخذ من ذراعه مصنعا للتفريخ. فجن جنون المرأة وصاحت في عزم وحزم:(إذن لن تعرف للطعام سبيلا ما دمت لن تفرخ البيض. . . ضعها ثم دعنا ننظر يا زوجي العزيز) فراح يهددها بتحطيم البيض إن هي أدنته منه، فنأت عنه. . . حتى دقت الساعة معلنة الثانية عشرة فصاح:(ويحك! عليّ بالغداء أيتها المرأة!).
- (ليس هناك غداء لك! أيها الخنزير العجوز) وخيل إليه أولاً إنها تمزح فمكث غير طويل. . . ثم ما لبث أن راح يصب لعناته عليها وعلى النساء اللائى يشطرن على أزواجهن فيجعلن منهن لعبة في أيديهن. . . وأخيرا راح يتوصل إليها وهو يتلوى ذات اليمين، وذات اليسار. بيد أنه لم يجد في النهاية بدا من أن تضع خمس بيضات في الفراش لصق ضلوعه اليسرى. وحينئذ أمكنه أن يتناول غداءه. . . وفي المساء حضر إليه الأصدقاء؛ فكان مسلكه غريبا حيالهم وكأن المرض يعتريه، ولم يجدوا منه إقبالا وبهجة للعب، فقد كان يضع يده في حذر إلى جانبه عندما تعن له الحركة. فسأله هورسلافيل:(ماذا دهاك؟! أذراعك يؤلمك يا توان!؟) فأجاب توان: (يخيل إلى ذلك كأنما أصاب أكتافي النقرس) وفجأة سمعوا لغط حاكم المدينة ووكيله يلجون الحانة، ويطلبون قدحين من الخمر، ثم راحا يتحدثان في شؤون البلدة.
وبينما هما يتحاوران في لهجة قانونية، مد توان أذنيه إلى الحائط ليتمكن من الإصغاء، وقد سها عن البيض. وتحرك إلى اليسار قليلا حركة جعلت البيض يصير (كالعجة). فتنهد توان في كآبة وكدر وهو يشم المنازلة. واندفعت زوجته إلى الغرفة ورفعت أغطية السرير. ووقفت تحدق هنيهة في ذهول نحو الخليط الصفر الذي أخذ يسيل من ضلوع زوجها، ثم انهالت في ثورة الجنون على الرقيد المفلوج لكما وضربا في حرارة ونشاط. . . أخذت يدها ترتفع وتنخفض، وتيسر وتيمن في ضربات قاسيات تهبط على بطن زوجها المنتفخ كأنها الأرنب يعمل يديه حفرا في الأرض. . . وعلا هذه الضجة جرس القهقهة التي أخذ يطلقها رفقاؤه، في رنة فرح وابتهاج، وحاول الزوج المنكود أن يتقي ذلك السيل من الخبط، وقد انهمر عليه في قسوة فحطم الخمس بيضات الأخرى مما زاد الطين بلة. . .