يصطادونه بها. وبفضل التضافر والتعاون بين عائلات هؤلاء الأقوام فإن أكبر قصر يمكن أن يشاد بسويعات قليلة، فترى قوما ينشرون الجليد وآخرون يجمعون شتات النشارة وقطع الثلوج الصغيرة، والبناء يتناول الحجارة ويضعها في المكان المخصص لها ويثبتها بهذه النشارة بدلا من الطين ولا تلبث بعد أن تتعرض للصقيع قليلا أن تصبح قطعة واحدة. وهذه البيوت عندما تكون جديدة تبقى جميلة ومغرية بلونها الرخامي الفاخر ثم لا تلبث بعد قليل من سكناها حتى تصبح أنتن من أختها.
والأقزام لا يعرفون الزراعة ولا الصناعة اللهم إلا فيما ينحصر فيما يصطادونه من الحيوانات البرية والبحرية، يأكلون لحما طريا من الحيتان المتنوعة وعجول البحر والفوك والمورس وأنواع مختلفة من الأسماك، فتراهم جثاة على ركبهم وجذوعهم مائلة إلى الأمام لا يبدون حراكا إلا من أيديهم النهمة وأمامهم طست هائل ملؤه قطع كبيرة من اللحم يقبض كل منهم بيديه وأسنانه القاطعة قطعاً كبيرة من اللحم يعالجها حتى يقطعها ولا يكاد يلتهمها حتى تسرع يداه إلى قطعة غيرها. ومما يؤثر عن طعامهم هذا أنه لا يعتبر صالحا للأكل إلا بعد أن يكدس بعضه على بعض مدة طويلة من الزمن ريثما يتفسخ وتظهر رائحته المنتنة الشهية وفي هذه الحال ينشر الحرارة الكافية في الجسم أكثر مما لو كان طريا.
والصيد هو عملهم الأول الذي يتوقف عليه مدار معيشتهم واكتساؤهم بالألبسة الفرائية المتنوعة؛ ولهم فيه فنون وحيل لا يضارعهم فيها إنسان آخر. وكيفيته أن يأتي الصياد (وكثيراً ما يكون طفلا صغيراً لم يتجاوز الخامسة أو السادسة من العمر) ويحفر بحريته الطويلة المسنبة المربوطة من أسفلها بحبل طويل الجليد الساتر تحت سطح البحر ولا يجهد نفسه كثيراً حتى يبلغ الماء فيبدأ بتوسيع الحفرة ويقف بجانبها وقفة الهر على أبواب حجر الفأر حتى إذا ما سمع صوت سباحة الطريدة انتصب قائما ورفع بيده إلى الأعلى وسدد السهم نحوها حتى إذا ما مرت قذفها قذفة قوية تخترق أضلاعها، وهناك تقع الواقعة الكبرى فالحيوان يجذب الصياد تارة والصياد يجذبه أخرى، وكثيراً ما يتغلب الحيوان عليه فيجذبه نحو الحفرة، وعندها يأخذ في الصياح الذي يدوي في الآفاق فيتراكض القوم رجالا ونساء لنجدته، ولا يكادون يخرجون الفريسة خارج الحفرة حتى يستل كل منهم مديته ويغرسها في جلد الفريسة وهي حية دلالة على مشاركته إياهم في صيدها. وهذه العملية