تخوله حق المشاركة في لحمها فيقطع قطعة كبيرة منها ويقذفها في فيه وبعد مضغ طويل يبتلعها ثم يربطونها بحبالهم ويسحبونها حتى يصلوا إلى بيوتهم فيقتسموها. وإذا جاء الشتاء وجمد الماء صادفوا عجول البحر وقد أحدثت في الجليد ثغراً وطلعت تستنشق الهواء فيصوبون إليها حرابهم ويرمونها وقد يترقبون ظهورها من هذه الثغرات حتى إذا ما خرجت اقتنصوها. وكذلك يصطادون الطيور المائية المختلفة ويقتلون ذوات الفراء من الثعالب والدببة القطبية البيضاء إلا أن هذه تقطع قلوبهم من الرعب لشراستها.
التجارة عند الأقزام محدودة تقتصر على بيع جلود الحيوانات والفراء والعظام وعاج المورس؛ ويبيعون هذه المحاصيل إلى البلاد المجاورة كسواحل أمريكا الشمالية وروسيا وسيبيريا وهي تدر عليهم أرباحا طائلة يشترون بها ما يلزمهم من المواد الأولية كالحبوب والمقددات والسكر والشاي والقهوة والكاكاو وغير ذلك من المواد التي لا تتأثر بطول العهد، والألبسة الصوفية والقطنية الجاهزة وبعض الآلات الحديثة كالحاكي والألاعيب الصبيانية وغيرها. ويندر تعاطيهم التجارة فيما بينهم لعدم وجود ضرورة للمبادلة. وينقلون هذه المتاجر من والى البلاد المتعددة بواسطة الزاحفات في الأصقاع المتجمدة والزوارق في البحار المائعة. ويعودون أولادهم منذ نعومة أظفارهم على الأسفار والأعمال الشاقة فهم يضعون القوارب الصغيرة من جلد المورس وعظام الحيوانات في أيام الصيف ويسابقون بها الريح في جريها حتى إذا ما وصلوا البر سحبوها معهم وتركوا عندها نفراً منهم يحرسها، وكذلك الزحافات التي تجرها الكلاب فوق الأراضي المتجمدة.
انقطاع الأقزام في بلادهم النائية عن العالم المتمدن، وانزواؤهم في الأصقاع الجامدة وتعذر الانتقال بين بعضها وبعض إلى مسافات بعيدة بالسرعة التي تقتضيها الحياة العصرية، وعدم سلوكهم في الارتزاق مسلك الأمم الباقية بتبادل المحصولات الزراعية والحيوانية والمعدنية وغيرها مما قد يوجد في قسم من البلاد ويندر في غيرها لعدم حاجتهم إلى ذلك ولتساوي أراضيهم في منتجاتها التي تنحصر في صيد الحيوانات البحرية والبرية والاكتساء بجلودها والتقوت بلحومها، جعلهم يقنعون بما رزقهم الله ولا يطمعون في الحصول على ما في أيدي الغير من بلاد ومتاجر أو سلع وغيرها، وجعل منهم الأمة العاملة المجدة التي تسعى للحصول على قوتها الضروري بهمة لا تعرف الكلل دون