اعتنقها السواد الأعظم من الشعب الصيني في تلك الأزمان الغابرة؟
يعتقد قدماء الصينيين أن السماء جوهر حي عليم قادر مدبر الكون نافذ الإرادة في النفوس وسائر الكائنات، واعتقدوا القضاء والقدر وقالوا إن العاصفة والطوفان والقحط والزلزال والمجاعة كلها آيات السماء تنذر بها الملوك إذا جاروا على الرعية أو قصروا في حقوقهم وعبادة السماء خاصة للملوك ولا تتعدى غيرهم.
يعتقد قدماء الصينيين أن للكائنات السماوية والأرضية آلهة أو ملائكة أو أرواحا تدبرها وتصرفها كيفما تشاء، فالشمس والقمر والسحاب والمطر والجبال والأنهار وما شاكلها من الكائنات يكون لكل واحد منها إله أو ملك أو روح يعبده الناس، ولكن عبادة آلهة الأرض والجبال والأنهار مخصوصة للأمراء وحدهم.
وكذلك يعتقدون أن في المنزل آلهة للغرف وأرواحاً للأموات، ويزعمون أن روح الإنسان تبقى في الدنيا بعد موته، وتشتاق إلى العودة إلى أسرته والعيش مع أفرادها في الغيب، فهم يعبدونها ويقدسونها ويقدمون إليها القرابين، وهي عبارة عن أنواع الأكل والشرب المشتهيين على مائدة منسقة، وهذه العبادة يشترك فيها الشعب والملك والأمراء لا فرق بينهم إلا بالكثرة والقلة.
والصينيون القدماء لا يعتقدون الجنة والنار، وإنما يعتقدون الجزاء في الدنيا إن خيراً فخيرا وإن شراً فشر. وقد يتعدى جزاء شخص إلى أبنائه أو أحفاده والكل يرجع إلى السعادة والشقاوة في الحياة الدنيا
٤ - نظرية كونفوشيوس في الآلهة والأرواح:
قبل أن نتكلم عن نظريته في الآلهة والأرواح يجب أن نبين للقارئ أن المصدر والمرجع فيما يقول منحصر في كتاب الحوار الذي ألفه تلاميذه أو تلاميذ تلاميذه، لأن الكتب التي صححها الفيلسوف كونفوشيوس، ولخصها ورتبها بنفسه، وإن كانت في نظريات فلسفية قيمة في مبدأ الكون ومصيره والإله وأفعاله، كتب قديمة لا يعتمد عليها فيما إذا بحث عن آرائه الخاصة وأفكاره الشخصية، وأما كتاب الحوار، فانه مشتمل على أقواله وأفعاله واعتقاداته، فإذا بحث عن نظرياته الخاصة يجب الاعتماد عليه
يعترف كونفوشيوس ببقاء الأرواح بعد خروجها من الأجساد ووجوب تقديم القرابين إليها،