للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

انهمرت عبرات الفتاة على الرغم من أيمانها الشديد. ودخل أبوها مهرولاً في تلك اللحظة فانقطع مجرى الحديث، لان الفتاة أسرعت بالاختفاء إذ أصبحت لا تجرؤ على مواجهة أبيها منذ خطبتها مدفوعة بعامل الحياء الشديد. . . ولم يحاول الأب استبقاء فتاته وان كان الموضوع الذي أتى ليعالجه مع امرأته يعني الفتاة دون سواها، لأنه أتى طبعاً ليتكلم في موضوع العرس، هذا الأمر الذي كان محور حديث الأسر، ماعدا الفتاة قضت عليها التقاليد بكتمان آرائها ورغائبها وعدم الخوض في موضوع الزواج. .

قال الأب بعد فترة سكون لم تحاول ألأم بدء الحديث في أثنائهابرغم تشوقها للوقوف على احدث تفاصيل موضوع العرس، لأنها كانت تهاب الزوج وتخشاه.

سيتم كل شي بعد أيام بأذن الله على رغم تجدد الخلاف بيني وبينهم أخي قاسم من جراء اقتسام تركه أمنا المتوفاة. انه يصر على أن يأخذ منها ما وقع عليه اختياره، وينتهز فرصة العرس ليحملني على التساهل. . كلا. . ومن بيده الملك، ولو آل الأمر إلى دك أعلام الزينة وإطفاء أنوار الأفراح. .

قالت ألام بصوت خافت لا يخلو من رعشة الوجل: - ولكنا لا نجد عريساً لأبنتنا خيرا من مراد، فلا تحجم عن التضحية من اجله.

فأجاب الأب وهو يرتجف من شدة الغضب: انك شديدة الغباوة يا (مُنى). . أني قادر على مصاهرة من يدفع لي من المهر أضعاف اضعاف ما دفع أخي لابنتي - لقد كانت على عيني غشاوة عندما قبلت هذا المهر من اللئيم أخي. .

أخذت الأم تحس بالجبن والخوف أمام غضبه، فقالت باستسلام انك على حق دائماً يا سيدي. .

نهض الشيخ بخفة الشباب وأسرع للإشراف على معدات العرس، إذ كان قد وطد العزم على إتمامه في اليوم التالي منتظراً من ورائه إتمام صفقة رابحة، وهذا نفس ما كان يرجوه أخوه. .

نصب السرادق وسطعت الأنوار، وصدحت الموسيقى، وأطلقت البنادق وزغردت النساء، وظهر قصر آل عباد في حلة قشيبة من الزينة والبهاء في ليلة الزفاف. أسرع وجهاء القوم بالحضور إلى الفيوم من الدلتا والصعيد، ليروا ابرع نموذج في البذخ والإسراف، إذ كان

<<  <  ج:
ص:  >  >>