إنني سأذهب إلى أخي (إند) في جبل هوجباك، وأريد أن أشتري زوج حذاء وبعض الأشياء الأخرى، وإذا كان رانسي يقدر على طلاقي، فدعه يقضي لي نفقتي). فصعق رانسي بلبرو وتملكته الحيرة ولم يتكلم. فلم يشر من قبل إلى موضوع النفقة. ومن عادة النساء أن يثرن مسائل عجيبة غير مدروسة. وأحس القاضي بناجا ويدب أن المسألة تحتاج إلى قرار قضائي. والتزم الطرفان الصمت في موضوع لنفقة، غير أن قدمي المرأة كانتا حافيتين والطريق في جبل هوجباك صخر وعر. فسأل القاضي في أسلوب رسمي:(يا أريلا بلرو - كم يعوزك من النفقة في القضية المنظورة أمام المحكمة؟).
فأجابت:(أريد أن أبتاع حذاء، فيلزمني نحو خمسة دولارات ليست هذه نفقة كبيرة، ولكني أعتقد أنها تكفي لأتوجه إلى منزل أخي (إيد). . .). فقال القاضي:(المبلغ معقول يا رانسي بليرو، المحكمة تأمرك أن تؤدي إلى المدعية خمسة دولارات قبل أن يصدر قرار الطلاق). فتنفس رانسي بصعوبة وقال:(ليس لدي مال. . . وقد أديت إليك ما كان معي). فحدق القاضي من وراء منظاره، وقال بعنف:(وإلا فأنت تزدري بالمحكمة).
واستأنف الزوج قائلا:(أعتقد أنه يمكنك أن تقرضني المبلغ وسأرده إليك غداً بأي كيفية. . . فإني لم أتوقع قط أني سأطالب بنفقة). فقال القاضي بناجا ويدب:(أجلت القضية إلى الغد حينما تأتيان أليّ معاً وتمتثلان لأوامر المحكمة. وعقب ذلك سنصدر الطلاق). ثم جلس إلى جانب الباب وأخذ يحل رباط حذائه. . .
فقال رانسي:(يمكننا أن نذهب إلى منزل (العم ريا) لنقضي الليل فيه) ثم ركب المركبة من ناحية وركبتها أريلا من الناحية الأخرى. وشد اللجام فتحرك البغل البني اللون ببطء ثم أخذت العربة تنهب الأرض حتى اختفت وسط الغبار المتصاعد.
وأشعل القاضي بناجا ويدب غليونه العتيق. واشترى جريدته الأسبوعية، فقد أوشك النهار أن ينقضي، وشرع يقرؤها حتى طمس الظلام سطورها. ثم أشعل قنديله على المنضدة، واخذ يقرأ حتى طلع القمر مؤذناً بحلول موعد العشاء. وكان يسكن كوخه الخشبي في المنحدر على مقربة من الغابة. وفي طريقه إلى منزله اجتاز منطقة تظللها أشجار الغار المتشابكة. وإذ ذاك برز من بين الأشجار شبح ملثم وسدد إلى صدره غداره، وهو يقول، (أريد أموالك، لا أريد كلاماً. أني عصبي وإصبعي على زناد الغدارة. . .).