كان بعد هجرة الرسول إلى المدينة. أي أن الوضوء لم يكن مفروضاً بمكة؛ وهذا ما يتعارض مع الأحاديث المعروفة والأخبار الكثيرة التي تنص على أن الوضوء قد فرض مع الصلاة.
ففي كتب السير (أن الصلاة حين افترضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل وهو بأعلى مكة فهمز له بعقبه في ناحية الوادي فانفجرت منه عين فتوضأ جبريل عليه السلام ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إليه ليريه كيف الطهور للصلاة، ثم توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم كما رأى جبريل توضأ ثم قام به جبريل فصلى به وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بصلاته ثم أنصرف جبريل. . .) وهو خبر مشهود.
ويفهم من هذا الخبر أن الأمر بالوضوء إنما كان بمكة مع الصلاة. في حين أن النص القرآني وهو نص مدني يأمر بالصلاة في المدينة بعد هجرة الرسول. وهذا يعني أن الأمر بالوضوء لم يكن قد نزل إلا بعد نزول الأمر بالصلاة بزمان. ويترتب على ذلك أن صلاة الرسول من حين أمر بالصلاة إلى حين نزول الآية كانت بغير وضوء.
وجاء في السيرة الحلبية (ومشروعية الوضوء كانت مع مشروعية الصلاة التي هي غير الخمس وأن ذلك كان يوم نزول جبريل باقرأ، وهو مخالف لقول أبن حزم لم يشرع الوضوء إلا بالمدينة. ومما يرد ما قاله أبن حزم نقل أبن عبد البراتفاق أهل السير على أنه لم يصل قط إلا بوضوء)
والذي يفهم من قول صاحب السيرة أن العالم أبن حزم كان يعتقد بأن فرض الوضوء كان بالمدينة لما يعرف من أن الآية مدنية. وقد انتبه العلماء إلى ذلك. ويخيل إلى أن ذلك كان متأخراً. فحاول أكثرهم التمسك بالخبر والتوفيق بينه وبين الآية وتحايلوا في التأويل والفرضيات ليبرهنوا على أن صلاة الرسول الأولى لم تكن بغير وضوء. فقالوا (إنه لم يشرع وجوباً إلا في المدينة وإنه كان قبل ذلك مندوباً وهو قول بعض المالكية. أي أنه مكي بالفرض مدني بالتلاوة واعتمدوا في تأويلاتهم هذه على بعض الأخبار الغامضة وهي في حد ذاتها أخبار لا قيمة لها بالنظر إلى نص القرآن.
قالوا بأن (مشروعية الوضوء كانت مع مشروعية الصلاة التي هي غير الخمس وإن ذلك