نهض المقنع يدعو من حوله إلى الإيمان بربوبيته والأخذ بتعاليمه في خراسان وما وراء النهر فاستوفى بشراً كثيرا من الصغد وبخاري وسمرقند وأتراك بحر قزوين، وامتد نفوذه في تلك البقاع النائية ونبه أمره، وكان أتباعه يسجدون له من أي النواحي كانوا، وكانوا يقولون في الحرب:(ياهاشم أعنا) وتحصنوا في قلعة بسيام وسنجرده وهي من رساتيق كش فيما وراء النهر، وأعانه كفار الأتراك فأغاروا على المسلمين، ومان يعتقد أن أبا مسلم لأفضل من النبي عليه السلام، ويدعى أنه يقتل قاتليه؛ واجتمع مع من والوه بكش وغلبوه على بعض قصورها وعلى قلعة نواكث وحاربهم أبو النعمان والجنيد وليث بن نصر من ولاة المهدي في إقليم خراسان وما وراء النهر مرة بعد مرة فلم ينالوا منهم شيئاً، وقتلوا حسان بن تميم ومحمد بن نصر وغيرهما من الولاة. وعندئذ لاح الخطر على الدولة للمهدي فعبأ جيوشه ووجه بها إلى المقنع يقودها أبرع قواده فعجزوا عن إخضاعه: ومن هؤلاء معاذ بن مسلم واليه على خراسان ومعه عقبة بن مسلم وجبرئيل بن يحيى وأخوه يزيد وليث بن نصر بن سيار مولى المهدي. ولقد أشتغل هؤلاء بقتال المقنع وزنادقته المبيضة الذين كانوا ببخارى فقاتلوهم أربعة أشهر في مدينة بومجكت ونقبوها عليهم وقتلوا منهم سبعمائة، ولكن منهزميهم لحقوا بالمقنع فكانوا له قوة، ولقد تبعهم جبرئيل بن يحيى بعد أربعة أشهر في القتال بلا جدوى. وكان ممن سيرهم المهدي إلى المقنع قائده أبو عون فلم يبالغ في قتاله. واستمرت الحرب بين جيوش المهدي وجيوش المقنع نحو سنتين حتى عيل صبر المهدي ولقي المسلمون منه بلاء عظيما، وكان المهدي أثنائهما يبعث بقواده على جيوشه مجتمعين، وفي نهاية الأمر أرسل معاذ بن مسلم وجماعة من القواد والعساكر وعلى مقدمته سعيد الحرشي، وأتاه عقبة بن مسلم وجاعة من القواد والعساكر وعلى مقدمته سعيد الحرشي، وأتاه عقبة بن مسلم من فاجتمع به بالطواويس وأوقعوا بأصحاب المقنع، وأتى معاذ بن سعيد فحاربهم، ولكن كل أولئك لم ينزل الهزيمة الساحقة بالمقنع وجيوشه. وجرت في نهاية الأمر جفوة بين القائدين سعيد الحرشي وعاذ بن مسلم فكتب سعيد إلى المهدي يقع في معاذ ويضمن له أن يكفيه المقنع أن افرده بالقيادة فأجابه المهدي إلى ما طلب، فبدأ يطارد المقنع ويضيق عليه ويحاصره وإذ ذاك شعر المقنع بالخطر فبدأ يجمع الأقوات