للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم تكون مناظر أخرى تجرى الحياة فيها بيننا كما تجري بين الأصدقاء الذين تؤلف بين قلوبهم المودة والحب والإعجاب، الا منظراً واحداً انكرته، ولكني لم اظهر إنكاري له، كان في مجلس لنا بغرفة من غرفات لجنة التأليف وكنا كثيرين، وكنا نتحدث عن الكتاب والشعراء المحدثين، وعن أصحاب القصص خاصة، وكنت أريد ان أعنى بآراء هؤلاء الكتاب والشعراء وان أتبين وأبين للناس مالهم من المحاسن والعيوب او ما أرى لهم من المحاسن والعيوب. وهنا يثور ثائر الصديق الأديب ويأبى لي العناية بهذا الأدب الحديث لأنه لا يصلح أن يكون أدباً حديثاً أو قديماً، ولأن الطابع الفني الصحيح ينقصه، فنختلف في ذلك ونفترق على غير اتفاق؟

ثم يكون منظر آخر وما اكثر هذه المناظر التي ستتألف منها هذه القصة، والتي ستقيم لأصدقائي ولخصومي أدلة قاطعه على أني من المكر والدهاء والحذر بحيث يظنون. أراني في حجرة من حجرات البيت الذي أسكنه الآن في الزمالك، وقد أقبل الصديق الأديب ومعه اثنان من أصدقائنا، وكنا على موعد لنقرأ فصلاً كان الصديق الأديب يريد أن ينشره في الرسالة. ولكن أصدقاء آخرون قد اقبلوا، وليس يعنيهم أن يقرأوا آثارنا الأدبية أو يسمعوها قبل أن تذاع فنتحدث إليهم، ونسمع منهم، ويطول الحديث حتى إذا تمت الساعة التاسعة انصرف الأصدقاء، وبقينا نحن فنقرأ الفصل على طوله، ونحاور فيه، ثم لا نفترق حتى تنتصف الساعة الحادية عشرة، وشهد الله لقد كان في بيتي تلك الليلة مرض هو آثر عندي من ألف أدب وأدب ومن ألف أديب وأديب، ومن الحياة والأحياء جميعاً، فما ترددت مع ذلك في أن أسمع، وأحاور، وأقترح التغيير والتبديل، كما لو كنت مستريحاً فارغ البال:

ثم تكون مناظر أخرى أسمع في بعضها اللوم لأني احب توفيق الحكيم واقرأ في بعضها الشتم لأني اكبر توفيق الحكيم، وأنا أبسم للوم اللائمين، وأضحك لشتم الشاتمين، لأني لم أحب هذا الكاتب إلا لأنه ألهمني الحب، ولم أعجب بهذا الكاتب إلا لأنه ألهمني الإعجاب:

ثم أكتب إلى المصور فصلاً عن الأدب التمثيلي في مصر فلا يكاد ينشر حتى يتحدث إلي من يتحدث بأن الكاتب الأديب مغضب من هذا الفصل لأني لم أنصفه فيه، ولأني زعمت أن قصصه التمثيلية على جمالها وروعتها قد لا تلائم الملعب المصري. فلا أحفل بحديث المتحدثين، ولا بنقل الناقلين، واقرأ في المصور بعد ذلك رداً من توفيق فيه عوج كثير

<<  <  ج:
ص:  >  >>