من أرباب المكان وخلاصة السكان، فإذا عدونا ذلك لم نجد في أصول تقليد القضاء عندنا مغمزاً
وتعالوا قابلوا بين شرائط تقليد القضاء اليوم، وقد نص عليها القرار ذو الرقم ٢٣٨ وبين ما اشترطه الفقهاء في القاضي تروا أمرها من أمره قريب، فقد شرط القرار أن يكون القاضي سورياً، لأن القضاء مظهر من مظاهر السيادة، وأداة من أدوات السلطان، فهو يوسد إلى أبناء الأمة تثبيتاً لسيادتها وتقوية لسلطانها. وشرط الفقهاء أن يكون مسلماً، لأن الجنسية عند المسلمين هي الدين، وقد منعوا سماع شهادة غير المسلم على المسلم، لأنها ولاية، والله تعالى يقول:(ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا)، والقضاء بذلك المنع أولى
واشترط القرار ألا يكون القاضي محكوماً بعقوبة شائنة، وأن يكون فاضل الخلق، واشترط الفقهاء العدالة فيه، وإن ذهب الحنفية إلى صحة ولاية الفاسق إن لم يجاوز في أحكامه حد الشرع مع تأثيم من يولي فاسقاً
واتفق القانون والشرع على اشتراط صحة الحواس في القاضي، لأن بها تمييز ما بين الخصوم، وتمييز المحق من المبطل، وعلى اشتراط الذكورة في القاضي، ولم يجوز القانون تقييد امرأة القضاء بين الناس، وقد قال أبو حنيفة رحمه الله بجواز تقليدها القضاء فيما تصح به شهادتها، أي في الشرعيات والمدنيات دون الجنائيات، فمن لي بإفهام هؤلاء الذين يسمون أنفسهم أنصار المرأة أن الشرع أعطاها أكثر مما يطلبون لها، وأن مذهبهم يقوم على واحد من شيئين: إما الغفلة وابتغاء ما لا يكون أبداً من تساوي المرأة بالرجل، وإما المجانة واتخاذ هذه الدعوة مطية يبلغون بها حاجات في نفوسهم
ولم يرو لنا التاريخ خلال هذه العصور الطويلة أن امرأة وليت القضاء، ولا يكاد يسيغ العقل ذلك ولا الطبع يألفه، وقد قال الله تعالى:(الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض)؛ وفسروا الفضل بأنه العقل والدين
واتفقت قوانين اليوم وأحكام الفقه على اشتراط العلم في القاضي؛ غير أن القانون أوجب نيله ليسانس الحقوق قاضياً شرعياً كان أو مدنياً
وأكثر الفقهاء شرطوا في القاضي أن يكون من أهل الاجتهاد، واحتجوا بحديث معاذ حين أرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، فقال له: بم تحكم؟ قال: بكتاب الله. قال: فإن