للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

القاضي، أو كل ما قال أبو حنيفة أقول به؟! قال: ما ظننتك إلا مقلداً، قلت: وهل يقلد إلا عصبي؟ قال لي: أو غبي. فطارت هذه الكلمة في مصر حتى صارت مثلا، وكان ذلك في أول القرن الرابع

سمعتم خلاصة الخلاف في هذه المسألة، وعلمتم أن العزيمة هي كون القاضي من أهل الاجتهاد، والرخصة التي قال بها الحنفية هي جواز كونه مقلداً يا أيها السادة: إنهم كانوا يختلفون في القاضي هل يجوز له التقليد، فلم يبق خلاف بيننا اليوم في أن القاضي لا يجوز له الاجتهاد!

ونقل الماوردي، أن السلطان إذا قال للقاضي قد وليتك فلا تحكم إلا بمذهب فلان (من الأئمة) كان الشرط باطلا، وكان له أن يحكم بما أداه إليه اجتهاده. ومن الاجتهاد اختيار من يفتي بقوله من المفتين كما جاء في المبسوط.

أما القضاء اليوم فالأهلي منه على مذهب (أئمة) الإفرنج، كأننا أمة من البرابرة لا دين لها ولا فقه، ولا كتاب. وقد بدت في سواد هذا الليل خيوط الفجر، وأوشك أن يفيق النائمون. وأما الشرعي فعلى مذهب أبي حنيفة، إلا مسائل بأعيانها جرى العمل فيها (في مصر) على غيره، منها ما عدل فيه إلى قول معتمد في أحد المذاهب الثلاثة، ومنها ما خولفت فيه المذاهب الأربعة اجتهاداً ورجوعاً إلى دليل كمسألة طلاق الثلاث دفعة واحدة ووقوع طلقة واحدة به، ومنها ما خولفت فيه بلا دليل شرعي كمنع سماع دعوى الزواج ممن لم تبلغ السابعة عشرة أو ما لم تسجل في كتاب وقد مات أحد الزوجين - ولو أنهم اجتهدوا في مصر ونظروا في الأدلة لهان الخطب، ولكن سبيلهم أن يهونوا حكما، كتوريث ابن الابن مع الابن، فيحتالوا عليه، فيسموه وصية إجبارية، أو يجدوا له مستنداً قولا لمجتهد من المجتهدين الأولين ولو كان مرجوحاً أو منقطعاً سنده، فيأخذوا به، وهذا ما سماه ابن عابدين في رسالته اتباع الهوى.

أما القضاء عندنا فليس فيه ابتداع أو مخالفة إلا في مسألة واحدة ولكنا خالفنا فيها ظاهر القرآن وثابت السنة والإجماع. لا تعجبوا يا سادة قبل أن تسمعوا البيان:

نصت المادة ٧ من قرار حقوق العائلة على أنه لا يجوز لأحد أصلا أن يزوج الصغير الذي لم يتم الثانية عشرة ولا الصغيرة التي لم تكمل التاسعة. ونص في المادة ٥٢ منه على

<<  <  ج:
ص:  >  >>