أما موقع مدينة على حد وصف هيرودوتس فيجب أن يكون على الخليج الفارسي حيث يصب نهر دجلة فيه لا على البحر الأحمر كما يظهر ذلك من وصف الروماني بلينوس إذ من المعلوم أن مصب نهر دجلة في ذلك الخليج.
على كل فسواء كان موقع أو على الخليج الفارسي أو على البحر الأحمر فإن النتيجة واحدة وهي أن اليونانيين كانوا قد سكنوا مدينة أنشئت في بلاد عربية وعاشوا فيها وتاجروا، ثم اندمجوا بعد ذلك واختلطوا بالوطنيين.
والأرجح أن يكون محل تلك المستعمرة على سواحل البحر الأحمر في شمال الحجاز. وفي أقوال (٢٨٨ ق. م) ما يؤيد هذا الرأي. وأصبح هذا المحل في عهد (بلنيوس) تحت سيطرة الحكومة السبئية. ولما ضعف نفوذ هذه الحكومة تغلبت القبائل المتوحشة على هذا المكان كما يظهر ذلك من أقوال مؤلف كتاب فصار التجار يتجنبون جهد الإمكان هذا المكان. يقول المستشرق كلاسر: كانت هذه المنطقة ملتقى مختلف القبائل. نقطة يجتمع فيها التجار من كل مكان. وقد كانت معروفة عند الكتاب اليونانيين والرومانيين وقد ذكر بطليموس أسماء عدة قبائل نزلت هذا المحل.
وتحدث ديودورس الصقلي عن شعب دبن كان يسكن على سواحل البحر الأحمر في موضع يصح أن يكون في عسير. وهذا الشعب لا يضيف أحدا من الغرباء إلا إذا كان الغريب من أو لاعتقاده وهذا يرجع إلى أسطورة قديمة إن هذه الشعوب الثلاثة ترجع في النسب إلى جد واحد هو هرقل
وفي العهد القديم اسم موضع دعي (ياوآن) ذكر في جملة الأماكن التي كانت تتاجر مع مدينة صور. تدل القرائن على أن المقصود منه موضع من المواضع الواقعة في جنوب البلاد العربية ولعل ذلك في اليمن، وقد يكون اسم قبيلة من القبائل العربية وتطلق كلمة في أكثر آيات العهد القديم على اليونانيين، فهل يمكن أن نجد صلة بين الاسمين؟
قال بعض المستشرقين: المعقول أن يكون هذا الموضع اسم مستعمرة كان اليونانيون قد سكنوا فيها بدافع المتجارة. لاسيما وقد ثبت عندنا أن الأجانب كانوا قد أسسوا لهم المستعمرات في مختلف أنحاء شبه الجزيرة. فمن المعقول أيضاً أن يكون موضع تلك